د.هاني سالم حافظ
الحلاق وجمعها حلاقون هو من يقوم بحلق شعر راس الشخص ولغة الحلاقه هي ازالة شعر الراس بالكامل ( وعادة بالموسي) لتظهر جلدة الراس ويقال له حليق ومحلق وذكر الله تعالى المحلقين بقوله( لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين)- سورة الفتح- آيه 27
وقد مدح رسولنا عليه الصلاة والسلام المحلقين الذين يحلقون رؤوسهم بالكامل في الحج او العمرة بقوله( رحم الله المحلقين) قالها ثلاث مرات
وقد يطلق على الحلاق اسم ( المزين) ولغة زين من الزينة وهي اظهار
محاسن الشيئ
وقد كان الحلاق يقوم بممارسة اعمال اخرى كالحجامة او الختان( الطهور) واحيانا قلع الاسنان او تضميد الجروح وفتح الخراجات والدمامل وقد كان الحلاقون بمعظمهم في القرون المتاخره يمارسون مهنتهم في قارعة الطريق اي ليس لهم محلات او صالونات كما هي الحال اليوم وعدتهم في ذلك هي كرسي قديم او صفيحة معدنيه( تنكه) وموسي معدني اكل الدهر عليه وشرب يحده بحزام جلدي مربوط الى حزام بطنه او الى الحائط ومقص يقص به الشعر على نغمات متتاليه يصنعها بالمقص وماء دافيئ في ابريق معدني مع صابونة يغسل بها شعر الزبون ويتلقى الماء النازل في ( طشت)معدني يبقى في يد الزبون وقطعة قماش او فوطه يغطي بها كتفي الزبون لمنع تساقط الشعر على ملابسه وكانت اجرة هؤلاء الحلاقون زهيدة جدا اما من كان لديه بعض المال فكان يؤجر محلا صغيرا يمارس فيه مهنته...
وكان الاثرياء واصحاب المواقع الوظيفيه الجيده يرسلون الى الحلاق لياتي الى دارهم او محل عملهم ويندر من يذهب منهم بنفسه الى الحلاق
كان الحلاقون الى عهد قريب يلتزمون بعطلة اسبوعيه هي يوم الاثنين ولاتجد احدا منهم يلتزم بها حاليا وقد سالت مرة استاذي في انكلترا لماذا يطلقون على الطبيب/ Doctor بينما بسمون الجراح ب Mister فاجاب لانه لم يكن للجراح مكان في الاختصاص سابقا وكان يقوم بالاعمال الجراحيه الحلاق ولهذا مشت التسميه رغم وجود شهادة عليا للجراحه FRCS
واخيراوارجو ان لايزعل مني الحلاقون فانهم مشهورون بالثرثرة والتدخل في امور لاتعنيهم ولدينا قصصا كثيرة ربما لانه لم تكن في تلك الايام اذاعات او تلفاز لتسلية الزبائن ولا ننسى قصة مزين او حلاق بغداد في قصص الف ليله وليله الذي تسبب في كسر ساق بطل القصة الذي كان على موعد مع حبيبته وافشل الحلاق هذا الموعد بسبب تدخله وثرثرته وتسبب في اعاقة بطل هذه القصة وجعله اعرجا ومعظم جيلنا قد قرا قصة الحلاق الثرثار في دراسته الابتدائيه وهي من تاليف الكاتب العبقري مصطفى لطفي المنفلوطي والتي اختصرها بان احد الحلاقين كان يحلق احد زبائنه اثناء الحرب العالميه فعمل خريطة في راس الزبون المسكين ليشرح لصديقه مجريات الحرب الدائره قائلا له هنا انتصر الحلفاء وهنا اندحر اليابانيون وهنا ميناء بورت ارثر وهنا ضرب الروس ضربتهم القاضيه وضرب بقبضة يده على راس الزبون المسكين الذي هرب صارخا مولولا وهو يسب السياسة والسياسيين والروس واليابانيين والناس اجمعين
ومن التراث قصة اخرى هو ان الحجاج امر بمنع التجوال او الخروج بعد صلاة العشاء ومن يخالف يقطع راسه وفي احد الايام راى احد الحراس شبانا يتمايلون من السكر فقبض عليهم ولما سال احدهم من انت ولماذا خالفت امر الحجاج قال :
انا ابن من دانت الرقاب له ما بين مخزومها وهاشمها
تاتي اليه الرقاب صاغرة ياخذ من مالها ومن دمها
فقال هذا لعله من اقارب الحجاج فامسك عنه وفي الصباح لما علم الحجاج ان هذا الشاب ابن الحلاق عفا عنه لفصاحته وبلاغته( وللقصة بقية ليست في موضوعنا).....
321 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع