سهى بطرس قوجا
التسلق رياضة مثلها مثل غيرها من النشاطات الرياضية الكثيرة المُتقنة من قبل الكثيرين ولكن مع الكثير من المخاطر، هي رياضة مُرتبطة بحبّ المُغامرة والمُخاطرة والاكتشاف وعشق الطبيعة وتحدي الذات، هي رياضة تحتاج إلى جهد كبير ولياقة بدنية وفكرية معًا، طبعًا مع مستلزمات مُساعدة تدفع بالمُتسلق إلى الهدف المنشود إليهِ .... وهو الوصول إلى نقطة يهدف إليها. من خلال قدرتهِ وقوة تحملهِ وإصرارهِ وتشبثهِ وتقبلهِ لمُختلف التغيرات مع التركيز والسيطرة الفكرية والذهنية لهُ لكي يستمر بالطريق الصحيح وليس الانحراف عن مساره ولاحقًا التخبط والضياع.
الرياضة التي فيها تحديات واختبار هي مذهلة، لأنك فيها تختبر قوة ذاتك وعزيمتك ومدى قدرتك على السيطرة على الأمور ومُسايرتك للظروف لكي تسير في طريقها السليم. لكن في موضوعنا هذا والواضح من عنوانهِ سنتكلم بشيء مُختصر عن نوع آخر من التسلق، نوعًا طالما أرتبط بالمصالح والغايات والسحق تحت الأحذية! أنهُ صراع البعض من المُتطفلين والانتهازيين والفوضويين والصائدين في الماء العكرّ، المُتسلقين بكل وقاحةٍ وخباثة وبدون لياقة فكرية وبدون أدنى شعور بالمسؤولية على أكتاف وظهور ممن أنحنىّ ظهرهم وهم يحاولون جاهدين، النضال وبذل الجهود والعمر والتضحية من أجل الجماعة وليس الفرد.
اليوم الساحة أصبحت بلا سياج يحدُهّا، وكل من هبَّ ودبَّ يدخلها ليرمي فيها أوراقهِ ويلعب وينافس حتى وإن لم يكونوا مُتقنينَّ اللعب، ولكن تستهويهم ويريدون أن يجربوها، غير آبهين بما سيلحق بالمُتفرجين من خيبات أمل وضربات تأتي من حيث لا يعرف لها مصدر!
هذه هي مشكلة معظم الذين لديهم هدف ويسعون إلى بلوغهِ بكل نزاهة وإحقاق الحق، أنهم يجدون أمثال هؤلاء المُتسلقين في طريقهم صدفة أو ربما هنالك من يدفعهم من أجل إشعال النيران والنفخ فيها رويدًا رويدًا لكي تكبر وتلتهم كل ما تصلهُ وأولهم هم! نعم أمثال هؤلاء عديمي الحيلة وقليلي العمل والفعل والإدراك، عندما يجدون غيرهم والعرق يتقطر من جبينهم، يُسرعّون إليهم من أجل زرع بذرة فشلهم في طريقهم، ونثر الحجارة في دروبهم من أجل التعثر! أليس هذا ما يفعلوه كل من يسعى للتحليق إلى الأعالي على أجنحة الغير، وهو في الواقع المُستقبلي لا مُحالة، السقوط والبقاء في القاع من نصيبهِ! مُعتقدًا أنهُ على صواب لمُجرد إيمانهِ الانفرادي بفكرتهِ وفكرة غيره المسنودة ببضع أوراق خضراء، ساعيًا هي الأخرى إليها؟!
لقد أبتلىّ أصحاب قضية بأمثال هؤلاء المُضيعين للرسالة، منذ أن أبصرت عينهم الانتهازية والوصولية وهم يحاولون الظهور في كل مكان، وأحيانًا كثيرة يلعبون دور المهرج والفاقد للذاكرة من أجل مسيرتهم الفاشلة والمُحبطة والفاقدة لكل روح وطنية! يحاولون عرقلة المسيرة واختلاق الفتن وتزييف للحقيقة والتحجيم بحدود وقتل العمل الذي يُشقىّ سنين في سبيلهِ وتُهدر سنوات من العمر في سبيل أن ينهض.
نعم ينهض، فكن على يقين إذن أن كل ما يُبذل من أجلهِ ليشرق، لابد وفي يوم من الأيام أن يبشر بولادتهِ وعلانيتهِ، وهذه المحاولات على اختلافها من أجل بضع مصالح لا تنفع، لا يمكن أن يكون لها قاعدة وأرضية يُكتب لهّا الحياة! فكل ما هو قائم على الزيف فمصيرهُ في النهاية يكون في سلة المهملات ولا يكون حينها منك غير الندم وفقدان ذاتك، وشعورك بشعور المنبوّذ بين قومهِ!
وختامًا أقول : هنالك دائمًا بين الناجحين والحاملين للتميز مُتسلقين ووصوليين، تمامًا كذاك القرد الذي يحاول أن يقفز من غصن شجرة إلى أخرى، الشجرة تبقى ثابتة في مكانها وأرضها ولكن هو لا يزال يواصل تشبثهِ بها ليستقر عليها قليلا ويأكل من ثمرها ويمضي فيها يومهِ ومن ثم يواصل البحث عن أخرى .... ؟! هكذا هم أمثال المُتسلقين على الظهور، لا نشبههم بالقردة لا سامح الله ولكن الطريقة الوصولية الرخيصة التي يستخدمونها والتي لا تكلفهم أي جهد يُذكر، فقط بيع ذمتهم وإنسانيتهم ووطنيتهم وعرقلة العمل والبقاء فيهِ سنين مع أنهُ للآخرين كالأوكسجين الذي يعيشون عليه ومن أجلهِ، من أجل أن يبصر النور ويجد طريقهُ للحياة كما هو المفروض أن يكون في الواقع، ليحيا به الآخرين ومن أجل الأجيال القادمة التي هي أساس بناء الأوطان ونهوضها النهضة الصائبة.
ومن يدافع عن مبدأ أو قضية لابدّ وأن يكون لهُ من الإيمان والوعيّ والفكر الكثير مع المصداقية والاعتراف بالآخر مهما اختلف رأيهُ، كونها تمثل مصير وحياة شعوب تكافح وتناضل وتُضحي من أجل أن يُسمع صوتها بإيقاع واحد وكلمة واحدة من أفواه طالما صرخت بحقوقها وأرادت لها الحقيقة واقعًا.
674 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع