حظ أمحيسـن !.. الحلقة السابعة

                                             

                        

حظ أمحيسـن ! مـسلـسل تلفزيوني بين الحقيقة والخيال من الحياة الأجتماعية في العراق في الحقبة الواقعة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي

    

       

الحلقة السابعة: 
ما أن أنتهى أمحيسن من قراءة قصيدة,( ياسلام العين), حتى غنت جميلة :  أغداً ألقاك؟,..ياخوف فؤادي من غـَد!, فيطرب لها أمحيسن , ويطلب منها أكمال الأغنية, فتستجيب له,..وتنشـد:

وغداً تكتنف الجنة  انهاراً,...  وظلا
وغداً تنسى فلا تأسى على ماض تولى
وغداً نسمو,.. فلا نعرف للغيب محلا
وغداً للحاضر الزاهر,.. نحيا ليس ألا  
وبعد جلسة الغرام والطرب, يسمعان طرقاً على الباب, فيرتعب أمحيسن ويغمى عليه,فتجفل جميله وتسحبه الى الصالون, وهو في ذهول,... وتتركه لحاله, وتتوجه نحوباب الدار, وما أن تفتحه حتى تجد جميل وهو بزي رجل الدين, يسبح بحمد الله, ويكررالعبارة عدة مرات, فترحب به جميله وتشرح له ما عملت,.. وتطلب منه تنفيذ ما تبقى من المشهد, فلم يبقى أمامهما متسع من الوقت لمغادرة الدنيا!
تسرع جميله الى المطبخ وتجلب قدحاً من الماء, وتسلمه لجميل, فيرشه على وجه امحيسن بقوة , ثم يضربه كف,(راشدي)!,.. فتتاْلم جميله من المشهد وتدفع جميل جانباً, وتأمره بالجلوس في الصالون, ثم تضع رأس امحيسن على زندها وتمسده بكل حنان, وتهمس بأذنه كلاماً جعله يفيق فوراً, وقالت له : سـنفترق اليوم جسدياً الا انني لن أتخلى عنك أبدا,.. وستظل روحي ترفرف حولك وترعاك,.. أذا ما تعرضت مستقبلاً لمحنة!,..كما سأرسل لك معونات بطرق مختلفة لكي تستعين بها في أكمال دراستك, فالفرصة أن لم تمسكها لاتتكرر!
سأتركك برعاية الله وعوني لك سببه عدم رضاك بالظلم وصنت حبنا
ثم ينظرأمحيسن الى الرجل الذي بجنبه قائلا: من يكون هذا الرجل؟
فتقول: " انه زوجي جميل وانني الآن غيرمرتبطة به شرعاً!,وتنادي
على جميل لكي يعقد قرانها على أمحيسن, للوفاء بعدها أيام الصبا !
وهكذا تعاون الأثنان على حمل أمحيسن الى كنفة في الصالون,  ويجلس جميل وجميله وبينهما امحيسن,وتهمـس جميلة بأذن أمحيسن ما شرحته له عن مخططها, ووافق على عقد قرانه على جميله!, ثم
يخرج جميل منديلاً ويقوم بمراسم العقد,وفق الشرع, ويبارك لهما!
تصطحب جميلة أمحيسن الى غرفة نومها, وتغلق الباب بالمزلاج   
وجميل قابعاً في مكانه لفترة يصغي ويردد أغنية عفيفة أسكندر:

حركت الروح لمن فاركتهم -
 بجيت ومن دموعي غركتهم-
 شكال الكلب لمن ودعتهم-
حركت الروح لمن فاركتهم-
اودعهم واكول شلون انساهم-
ياكلبي لخاطر الله رووح وياهم-
 اريد الموت انا وماريد فركاهم-
اريد الفاركوني بعد مشوار-
اريد انطيهم الدلال تذكار-
وانا بحسرات دلالي حركتهم-
اودعهم وانوح ودمعتي تجري-
وانا العبرات كلها كسرت صدري -
ياربي شلون وانت بحالتي تدري-
اون وانحب على حظي ونصيبي-
يذوب الصخر من يسمع نحيبي-
اه وانا بكل المصايب شاركتهم-
حركت الروح لمن فاركتهم -
بجيت ومن دموعي غركتهم -

 

يُؤمن جميل بالأمرالواقع وينفذ الخطة المتفق عليها مع جميلة  للعودة الى دارالبقاء, فيستلقي على الكنبة, ويغط في نوم عميق!  
اتمت جميله تغييرملابسها وأرتدت (بدلة النوم), وسلمت امحيسن (بجامه) من الحرير,وطلبت منه تغييرملابسه والأستلقاء على السرير لحين تأدية الصلاة والشكر لله على تحقيق امنيتها باللقاء معه.
طاوعها امحيسن ونفذ كل أوامرها, واستلقي على السرير, وراح يراقبها, حينما أرتدت رداءاً ابيض اللون كالذي ترتديه المرأة اثناء الصلاة, وتوجهت نحو القبًلة,وبدأت بالصلاة والدعاء وامحيسن راقدٌ على السريريسـتمع لأقوالها, واستمرذلك المشهد لفترة وجيزة, ونظراً لتعب أمحيسن الشديد,.. أخذته سُنةً من النوم, فيحاول مقاومتها, ولكن من دون جدوى,..الى ان غط في نوم عميق!  
فاق امحيسن من نومه فجراً,..وتلمس من حوله, ولم يجد جميله بجانبه, كما وعدته, فأصيب بالذعر, وازاح الستائر, واخترق ضوء القمر, فأنارالغرفة,.. ووقعت عينه على جميله مستلقيه على الأرض وقد انزاح عن جسدها الغطاء, وبانت مفاتن جسـدها, وحاول ان يستر ماظهر من عورتها,فمست يده جسدها, ولم تبدي اية استجابة! فوسوس له الشيطان,ولم يستطع مقاومة شهوته, وحلل ما داربخلده, لكونها زوجته شرعاً, ولكنه تغلب على عاطفته, وأدرك سوء نيته ,.. حيث ليس من الخُلق والشهامة مزاولة الأنسان للجنس مع زوجته من دون رغبتها وموافقتها, ويعتبرأغتصاب لا يقره القانون ولا الشرع!, كما تذكر ما قاله معلم الصحة في الثانوية عن عالم الجنس فرويد,.. " أن أي ممارسة للجنس من دون رضى الطرفين يعتبر أغتصاب"  
كرر أمحيسن محاولته لأيقاظها, وراح يمسدها على رأسها,..وهَمَ بتقبيلها,..الا انها لم تبدي أية استجابة,..فتوقف شعر رأسه, ..وصاح
" اجتك البلاوي يا امحيسن .., وين تنطي وجهك!؟"
ولم يتمالك نفسه,..وفكربالهرب للتخلص من هذا المطب الذي وقع فيه, ولطم على رأسه وصدره, وصرخ بأذن جميله وتوسل بها,..ثم  
وضع اذنه على قلبها, ولم يسمع شيئ, ولم تبدي اية حركة, وتأكد له موتها, واراد القفزمن الشباك لولا وجود الساترالحديدي!
حاول فتح باب الغرفة المغلق بالمزلاج من الداخل,وبعد جهد جهيد, نجحت  محاولته, وهكذا خرج مذعوراً نحو البهو,..وتعجب حينما وقعت عينه على (جميل), صامتاً بمكانه, وكأنه "ابو الهول"!
قررأمحيسن الهرب من هذه الدارالمسكونة, وهوبحال يرثى لها, وما أن وطأت قدماه الشارع حتى جرى كالغزال, الى ان وصل الى نهايتة لاهثاً من الخوف, فوقعت عينه على مقهى توشك أن تفتح بابها, فدخلها وهو بأشد القلق, وينزوى على أحد الكنبات, ثم راح يوبخ نفسه
" والله ما تصيرلك جاره ياأمحيسن ,.و لا تتعلم, وتضل مغفل!"

                                      

يستقبل صبي المقهى الزبون الجديد ويستفسرمنه عن سبب هلعه !؟ ويدور بينهما حديث مقتضب,عازياً ذلك لخلافه مع زوجته و طردها له من البيت, فرق قلب العامل عليه,..وطلب منه أن يغتسـل في غرفة العمل,..وتوجه هو لأعداد الشاي, ..وفتح الراديوعلى "اذاعة لندن", التي يحب سماعها زبائن المقهى من كبارالسن صباحاً!


                                 ***

اكمل امحيسن قيافته, وخرج الى بهو المقهى واخذ مكاناً له بالقرب من شباك يطل على الشارع,..وراح يستطلع الحركة فيه,عله يرى بصيصاً من المعلومات عما حدث له يوم امس في تلك الدار المبهمة!
قدم الساقي الشاي لمحيسن مع قطعة من الكعك (البقصم) , .وما ان قضم قطعة صغيرة وارتشف جرعة من (أستكان الشاي),  وبسبب يده المرتجفة, سقطت كمية من الشاي على ملابسه, فمَـدَ يده في جيبه لكي يستخرج منديله ليجفف البلل,فلمس مظروفاً, ففتحه على الفور وعثر فيه على عقد زواجه الذي أبرمه جميل ليلة أمس, كما وجد فيه المفتاح الذي استخدمته جميلة في فتح باب دار أبو جميل, ورسالة من جميلة!,  قرأها بسرعة, وكل ما فيها, هوأعادة للقصة التي عاشها معها منذ أن شاهدها في محطة القطار, لحين نومه!,.. فأصيب بالذهول,.. فقد بان المستخبي والمستور!,.. وأن مامَـرَبه ليس من احلام اليقظة!,.. فهذا خيردليل لأثبات أن مسلسل أمحيسن حقيقي لا تنقصه الصراحة!,  وليس كالمسلسلات الهندية والتركية, ولكن هل من مغفل سيصدقه؟!
                                        

بعد ما غادرأمحيسن هارباً من الدار(المسكونه), تتوقف سيارة أمام دار أبو جميل , فينزل منها أبووأم جميل, وبعد أن يستلم السائق أجرته يغادر المكان , ويهم أبو جميل بفتح باب داره, فيتقدم جاره الأستاذ سرحان ويهنئهما بسلامة الوصول ويترحم على ولدهم المعلم جميل, ويسرد عليهما قصة البنت أقاربهم والشاب المصاحب لها,. فيصاب أبو جميل بالذهول,..فهو لم يقابل اي فتاة في النجف الأشرف وليس لديه مفتاح للبيت سوى هذا الذي بيده, وعرضه على الأستاذ سرحان,فصمت سرحان وأرتبك, فما كان من أبو جميل ألا أن يلاطفه ويقول:
أخاف بعدك سرحان؟  ويفهم الجار المزحة, ويؤكد ما رواه هو في غاية الدقة,.. وهكذا بدأ أبو جميل يثق بما سمعه وقال لجاره:
أخويه,..أخاف هذا (......) جايب عشيقته لمن عرف البيت فارغ!,..
وعلى أية حال, دعونا ندخل البيت وسوف تتبين الحقيقة, يجوز بعدهم نايمين؟,..

وبعد لحظات فتح أبو جميل باب الدارودخل بصحبة جاره  سرحان وخلفهما أم جميل, وتفحصوا كل جوانب البيت ولم يجدوا أي تغيير فيه ,..والتفت أبو جميل لجاره وقال :
ها يابه,..هسـه شتكول!؟,..

تلعثم سرحان وشك في نفسه,.. وقال:

شنو؟!, هل كنت مسطول؟,..مو آني عزمتهم على العشا, وما وافقوا,
وما تركتهم الى أن دخلوا الدار,..الله يرحم جعفرالسعدي لمن يصيبه مثل هل المطب في المسرحية يقول:عجيب أمور,..غريب قضيه!    
يشعر أبو جميل بحرج جاره , ولذا طلب منه أن يصاحبه الى مقهى الطرف لسماع آخر الأخبارمن أذاعة لندن, ويشربه جاي على حسابه فيرفض سرحان الذهاب ألا أذا كانت الجايات على حسابه,.. فيوافق أبو جميل, ويطلب من زوجته عمل غداء, .. وتحسب حساب لأخونا سرحان , ثم يغادران نحو مقهى الطرف القريب من دارهم.

                  

يرحب عامل المقهى بالحاج أبو جميل وجاره الأستاذ سـرحان, وبعد تأدية تحية الصباح مع الزبائن ,..يختار أبو جميل مكاناً بالقرب من أمحيسن , ويؤديان السلام على أمحيسن," صبحكم الله بالخير", فيرد أمحيسنالتحية, "صباح الخير",..ويسأل ابوجميل جاره سرحان: أمنين هذا الشاب؟!,.. آني ما شايفه كبل أبمحلتنه؟!,..فيتمعن الأستاذ سرحان بالشاب ويقول:
" هو هذا,..والله هو هذا",

ثم ينهض الأستاذ سرحان ,.. ويعرف نفسه للشاب,.. مرحبه عمي!, آني البارحة عزمتكم على العشا أنت ومرتك  وما وافقتم ودخلتم في بيت الحاج أبو جميل!,... ثم يلتفت لأبي جميل ويطلب منه النهوض والجلوس قرب الشاب أقاربه!
ينفذ أبو جميل الأقتراح ويتم التصافح مع الشاب ويطلب منهم الجلوس ويمعن الحاج أبو جميل النظر في وجه الشاب ويطلب منه أن يعرفهم بنفسه, وقال: سامحنا يا أبني, فلقد هرمنا!,.., فأنا والد المرحوم جميل والأستاذ سرحان جيراني ,.. فمن أنت؟, ومن المرأة التي كانت معك؟

أصفر وجه أمحيسن وراح يسرد السيناريوالذي حدث له, وعرض  عليهما كل الوثائق التي عثرعليها في جيبه, ومفتاح الدار,فتلقفها أبو جميل, وبدأ ينتحب بصوت خافت وجيرانه سرحان يهدأ من روعه و حزنه,..وأمحيسن مثل الأطرش بالزفه!,.. فيحضر صاحب المقهى ويتبادل الحديث مع زبائن القهوة ويستفسرمنهم عن هذا الشاب, وما الذي فعله لهما,..فيشكره الحاج أبو جميل , ويعلمه عن سوء فهم مع والد هذا الشاب منذ عدة أشهر, والآن أبنه يطلب تسوية الموضوع بالتوافق!,..ثم يعود القهوجي لمكانه, ويبتسم الأستاذ سرحان ويقول: أثاريك مو قليل يا أبو جميل!, ..والآن شنو تقترح؟
يهدأ ابو جميل,..ثم يطلب من الشاب الذهاب معهم لمشاهدة كل ما شرحه عن أثاث البيت والمرأة النائمة والشيخ المستلقي في الصالون!
فيوافق أمحيسن على الأقتراح لأن ذاكرته قوية, فهو يتذكر كل شيئ منذ ايام الطفولة والى يومنا هذا,..فهل من المعقول أن ينسى ما حدث يوم أمس!, وهل يوجد أي أحتمال لنسيان الحبيبة جميله؟
وهكذا نهض الفرسان لكشف الحقيقة التي سردها أمحيسن والتي لم يلاحظها أبو جميل ولا جاره,..فهل للحقيقة وجهان أم وجه واحد ؟

هذا ما سنعرفه في الحلقة / الثامنة أنشاء الله

للراغبين الأطلاع على الحلقة السادسة:

http://www.algardenia.com/maqalat/8555-2014-01-27-10-59-14.html


 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

777 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع