القيود الفكرية في الفكر الاسلامي (3 ) ...الحديث النبوي و مهزلة التدوين

                                          

                            مصطفى العمري


كتب الحديث عند المسلمين متعددة و مختلفة وكل طائفة تمتلك العديد من الاحاديث التي تؤصل لشرعيتها و تقرر من أنها الفرقة الناجية , كل طائفة عندها الكتب المختلقة و المختلفة و هالة من الاحاديث التي سميت بالسنة النبوية  . هناك بعض كتب الحديث كتبت في زمن خاص وسلطة خاصة و ضغوط لا نستطيع مقياس قوتها لكننا نستطيع ان نجلي كل الزيف العالق في اذهاننا وأذهان من يحاول الخروج من ذلك الوحل المتكلس على عقولنا بسبب تلك الكتب .

كتاب بحار الانوار لمؤلفه محمد باقر المجلسي 1037 هجرية. كتب  في الزمن الصفوي و في حكم الصفويين  لقد صب كل مهاراته في تمجيد و تأليه وتعظيم السلطة , هذا الكتاب المكون من مائة و عشر أجزاء ( 110) لم يكلف المجلسي نفسه في التنقيب عن الاحاديث ولم يسافر من أجلها كل الذي عمله انه بعث من حاشيته و طلابه الاعداد الغفيرة الى بلاد الله الواسعة لكي يجمعوا له كل ما وجدوه من صحف و منشورات وقصاصات ورق تالفة تافهة جمعوها دون اي مبالاة فيما اذا كانت هذه الاحاديث و المرويات متناقضة و الرسالة السماوية طالما هي لم تتعارض و السلطة بل جاءت تأزيراً وعضداً لها  , لتكون فيما بعد المصدر الذي تستنبط منه الفتاوى التي يعيش عليها جيل القرن الحالي !

تنبه بعض المنتمين الى الاسلام الحقيقي في ايران الى خطورة هذا الكتاب وبجهود خيرة حذفت منه بعض أجزائه ولعلمي ان الكثير ممن هم على نهج ال بيت الرسول من علماء و  مثقفين و متنورين , يحاولون إلغاء هذا الكتاب من الاصل لأنه أضر بالتشيع أكثر مما نفعه .

ان المنهج الذي كتبت فيه السنة النبوية منهج يختلف في تضاريسه و ملامحه من كتاب الى اخر , لكن الطريقة التي كتب بها البخاري صحيحه تعد هي الاقرب الى من يريد ان يفتش عن مفقود غير مرئي في صحراء رملية .

ان أهم كتب الحديث عند المسلمين هو كتاب البخاري و الذي عانى فيه الرجل ما عانى وحرص قدر الامكان ان يخرجه بالشكل المنضبط بقواعد الاسلام الاساسية , فأنا أحترم الرجل أيما احترام و أقدر مجهوده و أعتبر كتابه من أكثر الكتب التي تحمل صاحبها أعباء السفر و شدة اخراج الحديث وتنقيحه  , لكن اعتراضنا عليه يكمن في :

1- البعد الزمني بين الشيخ البخاري و الرسول محمد وهي أكثرمن مأتين عام وهذه مسافة يمكن فيها تحويل الحقائق الى زيف أما الزيف فيتلون بلون الحقيقة .

 2- لو أن المجهود الذي قام به البخاري تكفل به أحد أصحاب الرسول بعد وفاته مباشرةً لما إعترض معترض , و اخترت البخاري لأنه الكتاب الاول عند المسلمين و لأنه جاء بمجهود فردي لا يكتب إلا ما سمعه هو , على عكس بعض كتب الحديث و الروايات التي ألفها أصحابها من خلال تجميع أوراق و وثائق غير معروفة السند .

البخاري هو : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري  المولود سنة 194هجرية المتوفي 256 هجرية . من هذا التأريخ نستطيع ان نتحدث مع العقلاء من هذه الامة فنقول بكل حرقة وكل ألم :

1-أيعقل أيها المسلمون أن تكتب أحاديث الرسول و تحقق و يدقق بأسانيدها بعد وفاته بأكثر من مئتين سنة ؟!

2-لو كانت السنة لها من الاهمية بمكان عند المسلمين لماذا كتبوا القرآن و اهملوا السنة عند الصحابة و العوام من الناس يختزنوها في صدورهم ؟

3-اذا كانت الاحاديث الدالة على النهي في كتابة السنة غير صحيحة لماذا أهمل الصحابة أحاديث الرسول كل هذه الفترة الزمنية الطويلة ؟

4-ثم السؤال الأهم هل يعقل ان حديثاً يبقى على ماهو بالصيغة و اللفظ التي قالها الرسول بعد مرور قرنين من الزمن ؟ و الحال أن الانسان ينظر الى القضايا من خلال رؤيته الخاصة به فما نقل لك يمكن ان تنقله انت بصيغة تتوائم و طبيعتك و أسلوبك و منهجك وما نقل لغيرك كان كذلك .

5-ليس بمقدور الفرد ان يتذكر النص بالكامل ربما يستطيع ان يقارب المعنى و المضمون وان كان كذلك فنستطيع ان نقول ان هذه ليست احاديث الرسول بل هي مضمون ما فهمه الصحابة من الرسول و الصحابة كثر وكل له غايته و طريقته .

6-هذا ان صح المعنى وليس النص أما النص واللفظ فأنا أجزم لنفسي ليس هناك حديث لرسول الله بالنص .

7-أما الصحف التي يقول علماء الحديث إنها كتبت في عهد رسول الله فلم يصل منها شيئاً الى الرجال الذين قاموا بتدوين الحديث في القرن الثالث الهجري ولم يقل أحد منهم إنه يعتمد في جمع السنة على صحيفة من هذه الصحف .

قرنان من الزمن مرت فيهما اجيال مات الكبير وشاخ الصغير وخرج الذين في الاصلاب وبادوا دون أن يلتفت هؤلاء الى أنهم بحاجة الى كتابة أحاديث الرسول , وذلك إيماناً منهم بعدم أهمية الحديث ما دام القرآن موجود ولعل مقولة عمر بن الخطاب أبين ( لا كتاب مع كتاب الله ) ولو كان الصحابة يهتمون بالاحاديث لكتبوها في المرحلة التي كتبوا فيها القرآن عندما خافوا ان يقتل حفظته في الحروب . ولما تركوا كتابة السنة الى رجل يأتي بعد سنين يتعثر بين البلدان لكي يجد حديثاً مروياً من فلان عن فلان الى علان !  .

ينجلي لي ان الاحاديث جاءت متأخرة لأنها كتبت وفق دوافع عديدة أهمها سياسية تدعو لتقويم وتعضيد عرش السلطان في ذلك الزمن وتنتزع صلاحية آخر لأنه لم يكن وفق المنظومة الحاكمة او بالعكس كان ضدها , فتشرعنت نصوص السلطة لتكون الفاصل بين من يتبع محمد بن عبد الله وبين من يخالفه و تغولت لتلتهم كل من تسول له نفسه بالعصيان و عدم الطاعة فأناخ لها المسلمون الهامات صاغرين مجبرين ومن تسول له نفسه برفع الهامة للإعتراض سوف تقطع دون خشية او ارتجاف مفصل لأنك تدافع عن حياض الدين ومن هذه المرحلة أخترق بنيان المسلمين الذي كان ماثلاً للسقوط فسقط دون عناء الى يومنا هذا .

مصطفى العمري

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1215 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع