صبري الربيعي
ثمة سؤال كبير تندرج تحته كثير من التساؤلات !
ماالذي ستصل اليه (حرب الأنبار) من أهداف يمكن أن يتوقعها(القائد العام للقوات المسلحة) ؟
للإجابة الشافية الوافية عن هذا السؤال الهام , ينبغي العودة الى جملة من الحقائق الموضوعية , من دون الإلتفات الى الآراء المتناقضة والمتقاطعة , التي أذكت هذه الحرب , وصعّدت من أوارها , لتشمل ثلث مساحة العراق ! بالإضافة الى أن أصداء الكثير من مطالب الجماهير في مناطق (الأنبار) , قد وجدت صدى لها في جميع المحافظات , وهي في الإطار المطلبي المجرد عن الدوافع الخارجية , مطالب يمكن ان تكون مشروعة , اذا مانزعنا عنها مؤثرات السياسيين المستغلين لهذه (الإنتفاضة) الجماهيرية ,على الإرتكابات الجرمية المتعلقة باستشراء الفساد ونهب المال العام , وعجز المؤسسات عن تحقيق المستوى المطلوب من الخدمات , في ضوء الميزانيات المالية السنوية, التي يقارنها البعض بميزانيات بعض الدول الإقليمية , ومن المرير ان تذهب هذه الميزانيات (الخرافية ) الى الإنفاق على التشغيل بنسبة 80% , في وقت افتقدت البلاد الى قطاعات اساسية في البنية الإقتصادية والخدمية المؤسسة لبلد عمر نظامه السياسي 90 عاما , ويستند الى تأريخ عريض وممتد , يمتاز بتنوعه الجغرافي والبيئي , وثرواته الطبيعية, وطاقته البشرية الشابة ! حيث تشكل الأخيرة أساسا هاما لتطور المجتمعات !
تجارب (الكفاح المسلح) , تؤشر بما لايقبل الإجتهاد , أنها تتميز بتكلفتها الجسيمة على اي بلد من حيث سفك الدماء من الطرفين وهدر الأموال, وفسح المجال للمستفيدين من تلك الحرب , ومن بينهم مسئولون وشيوخ عشائر (بفسفورة او من دونها) , وقادة عسكريون يقفزون من رتب دنيا الى رتب أعلى !
في حالة (الأنبار) ادخلت القضية في متاهات صعبة ..تقول الحقائق على الأرض , انها سوف لن تحسم في سقف ايام أو أسابيع أو شهور , بل أن الأمر يتطلب ربما وقتا أطول بكثير مما كان يتوقعه (القائد العام للقوات المسلحة ) ومن يصطف الى فكرة تصعيد واستمرار هذه الحرب ,التي سوف لن تفرز لنا رابحا أو ظافرا ! فالجميع فيها خاسر لامحال!
صحيح ان تصفية عناصر (القاعدة وداعش وأية مسميات اخرى), ثبت ارتكابها جرائم قتل وتفجير المواطنين , ومواقع جماهيرية كثيرة كالمقاهي والمستشفيات والأسواق , يستمد ( شرعيته ) من أن اراقة الدماء وقتل الأبرياء يجب أن تقابل بمبدأ (العين بالعين والسن بالسن) , وهو مبدأ شرعي مشروع ..ولكن ترى.. هل ان هذه الحرب تستهدف هؤلاء المرتكبون فقط , أم أنها تطال المئات من ابناء الشعب الأبرياء ؟ و لنا أن نتساءل عن دور العمل الإستخباري بوسائله الحديثة المعتمدة من قبل دول العالم المهددة بما يسمى ب(الإرهاب) , سوف نجده دور غير حاسم في سحب العناصر المستهدفة من دون الإضرار المواطنين الأبرياء , والّا مامعنى استخدام الطائرات وصواريخها , بالإضافة الى استخدام المدفعية بعيدة المدى والهاونات , على مقاطعات واسعة , مما يحدث الأضرار الشاملة !
كما أن الوقوف عند السياسات المستخدمة في حيازة مواقف سياسية ممالئة لسياسات الحكومة , من قبل وجهاء عشائر في المنطقة الغربية يجعلهم في مواقف متناقضة ومتقاطعة مع عشائر اخرى,على ضد من سياسات الحكومة , سيعمق الى حد بعيد مشكلات محلية ووطنية , لاينجو منها هدف الإستقرار السياسي في تلك المناطق والعراق ككل ! وسوف تكون مؤثرة الى حد بعيد ايضا فيما نسعى اليه من وحدة البلاد ديموغرافيا وجيولوجيا , بالنظر الى الإضرار بدور العراق (الجيوبوليتيكي) في هذه المنطقة الهامة من العالم , التي تعد مفتاحا من مفاتيح السيطرة على غرب آسيا حتى تخوم الإتحاد الروسي ! خاصة اذا تذكرنا أن العراق يشكل في اجندة (الكيان الإسرائيلي), مفردة هامة تستقطب اهتماما متزايدا يستهدف الحد من قدرات العراق المتنامية , سياسيا واقتصاديا و من دون الإعتبار بأي من الأيديولوجيات التي تتحكم بالعراق . حيث أن للموقف (الإسرائيلي) بواعث (دينية تستلهم ماورد في (التوراة وبروتوكولات حكماء صهيون) , كما ان مواقف دول الجوار العراقي وهي مسلمة او عربية , تستمد من الشعور ب(الدونية) أزاء العراق ,أو لعقيدتها بأن العراق يمثل (الحديقة الخلفية ) , لها كما هو الأمر مع (تركيا) , المستلهمة في سياستها الحديثة كون السلطة العثمانية قد حكمت الشرق بمافيه العراق خمسمائة عاما ..أما (ايران) فانها تراهن على شيوع المؤمنين بالمذهب الشيعي , واعتماد أرث عريض في العلاقة (الروحية) بآل البيت من الجهة المذهبية , وهي بذلك تنظر للعراق نظرة وحيدة الجانب , اذ ان (الشيعة الجعفرية ) هم (شيعة عرب اقحاح) , لهم مواقفهم المستقلة عن السياسات والأهداف الإيرانية , طالما أمتد نفوذها وتأثيرها في الحياة السياسية والعامة في العراق ..وهذه العلاقات وان تأثرت بظروف معارضة الشعب العراق لنظم سابقة , مما أدى الى تهجير آلاف العائلات العراقية (الشيعية) الى (ايران) بظروف صعبة في ثمانينات القرن الماضي , واعتراف هذه العائلات بالرعاية المنقوصة المقدمة لها من قبل السلطات الإيرانية , الّا أنها لاتستمد معارضتها تلك من دوافع طائفية او مذهبية , وانما بفعل سياسة تلك الأنظمة التي لم توفر أحدا من العراقيين , من دون شموله ب (عدالة الظلم) ,أن رفع صوتا, او بدت منه أشارة معارضة ..والتأريخ القريب يؤشر تلك الحقيقة !
الآن ..وقبل أن تكرس اجيال من المقاتلين, التي يندفع كثير منهم الى رفع السلاح , استجابة لرأي محلي واسع( يعتبر القوات المسلحة تمارس العدوان والظلم على الناس ) أو استجابة لضرورات تغطية تكاليف معيشتهم بعد بطالة شاملة , او استجابة لعلاقات عشائرية تنطلق من مبدأ (آني واخوية على ابن عمي وآني وابن عمي على الغريب ) , وهو مبدأ عراقي سائد وبامتياز تعمل به الوحدات الإجتماعية , من أصغرها حتى أكبرها, و بما في ذلك الساسة المنافقون الذين يتولون السلطة اليوم ..وتلك حقيقة مرّة ومؤسفة, قادت وتقود البلاد الى أسوء منتجات الأداء !
نوقف حرب (الأنبار) من اجل حفظ حياة الأبرياء ,وحقن دماء عراقية عزيزة ..نوقف (حرب الأنبار) من أجل وقف الهدر في الأموال التي يجب أن تنفق على حياة الناس ..نوقف (حرب الأنبار) من اجل وقف التداعي في وحدة الشعب العراقي ..نوقف (حرب الأنبار) من اجل وقف تدخلات الدول الأقليمية عربية كانت أم اسلامية ..نوقف (حرب الأنبار) من أجل احباط مخطط تقسيم العراق وشرذمته الى كانتونات هامشية يسهل للمؤامرة الدولية السيطرة عليها ..نوقف حرب الانبار من أجل بقاء العراق عربيا ورأس حربة العرب في الحفاظ على عروبة هذه البلاد, التي منحها الله أفضل مايمنح , الا ان ساستها (يخبطون ويخربطون), لأفتقارهم الى نعمة (العقل السياسي) ..نوقف (حرب الأنبار) من أجل السير الحثيث نحو تنمية حياة الناس , وهدم (الصرائف) ,وانشاء البنى التحتية المناسبة لحياة الانسان المتحضر !
واذا كان للقوات المسلحة من هدف يكمن في تنقية العراق من (الارهابيين) , و(للساسة من تحقيق هدف الإستقرار) ,فإن معالجة الممكن والمشروع من مطالب الجماهير في الغربية ومحافظات العراق الأخرى أمر على درجة كبيرة من الضرورة , فليعمل هؤلاء الساسة على معالجة تلك المطالب من دون تسويف او احتيال , او السعي لأهداف غير معلنة, بالرغم من أن سلطتهم لن تدوم سوى أياما قادمة ..كما أن هذه النصيحة نوجهها لأية مجموعة من السياسيين الساعين الى تبوء السلطة التشريعية والتنفيذية في المرحلة القادمة !
كما أن على وجوه المنطقة الغربية وحدة الموقف وتشخيص المطالب الحقيقية , ونزع السياسيين الذين ركبوا موجة التظاهرات , ووجهوها بأتجاه اهدافهم الذاتية , التي ادركت الجماهير حدود العام والشخصي منها . عندما ترك هؤلاء السياسيين مواقعهم بين الجماهير الى دول الجوار, هربا من مسئولية محاسبتهم عن ما اقترفوه من ارتكابات , اسهمت مع مواقف الحكومة , في تأجيج نيران القتال وسفك الدماء في المنطقة !
أن يستشهد جنديا , او مواطنا في الانبار او الفلوجة او قصبات الغربية الأخرى أمر مؤسف , ولكن أن يقتل (داعشيا) أو (قاعديا) ,يتحرك ويقاتل مستمدا لوجستيه من اموال خارجية , أو سرقات للمؤسسات الوطنية , وبدوافع السلفية المقيته المكفّرة للمسلمين من خارج فئاتهم , فهو أمر مستحق شرعيا وقانونيا وفق مقولة نبينا العظيم محمد (صلى الله عليه وسلم ) " المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ) !
على (القائد العام للقوات لمسلحة ) أبداء التنازل عن (بغلته) فقد هرمت , من أجل العراق على أن لاتثلم وحدة العراق ودواعي أمنه ..كما ان على ذوي الألسنة المنطلقة على هواها من (وجوه) رقصت على حبال الطائفية والفرقة , وحيازة وجاهة زائفة العودة الى الله ونواهيه , والتعامل بواقعية وبروح عراقية أصيلة , مع المواقف المقابلة , من أجل تعزيز لحمة الشعب العراقي , وبناء هذه البلاد بناء معاصرا , يستلهم قيمنا العراقية العربية والإسلامية , بل وقيم الإنسانية جمعاء ..والّا ..فان مصير العراق على كف الأهداف المعادية المرسومة في دوائر اليمين الأمريكي الصهيوني, وأدواته المعروفة في المنطقة ..وللمستقبل نحن منتظرون !
ورود الكلام ...
الدهاء السياسي !
الدهاء السياسي , يعني ان السياسي الداهية , هو من يوجه الأمور وفق هدف تحقيق نتائج ايجابية بأقصر الطرق , وأقل تكلفة سواء مادية أو معنوية !
و(السياسي الداهية ), هو من يقيس حجم نتائج موقفه وسياسته قياسا واقعيا من خلال الإعتبار بالمعلومات والحقائق على الأرض !
و(السياسي الداهية) , هو من يتعض ويتذكر مقولة الإمام علي بن أبي طالب (ع) "لودامت لغيرك ماوصلت اليك" !
726 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع