إردوغان يصارع «تويتر» !

                                            

                              ديانا مقلد

ما الذي أصاب رجب طيب إردوغان؟ لماذا يتصرف الرجل وكأن به مسّا ما؟ هدد بـ«سحق» موقع «تويتر»، معلنا أنه لن يكترث لأي رد فعل محلي أو غربي. وفعلا تسلح بقرار محكمة وحجب الموقع عن الأتراك.

أقرن حربه على «تويتر» بتوعد موقعي «فيسبوك» و«يوتيوب»، محذرا مما سماه بالغضب التركي، لأن الرأي العام يتداول فضائح فساد تطاله، ولأنه غير قادر على منع تسريب تلك الفضائح عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تمكن من ضبطها عبر الإعلام التقليدي.

كيف لرئيس وزراء دولة كتركيا، والذي اقترن باسمه ازدهار اقتصادي لم تعرفه الجمهورية ونهضة تركية سياسية ودبلوماسية وثقافية، أن يمارس تعسفا لا يزال العالم كله يراقب نماذجه ونتائجه في سوريا والعراق ومصر وروسيا وكوريا الشمالية.

لن نشك في ذكاء الرجل لأنه بالتأكيد يعرف أن حجب «تويتر» مهما سوغه فهو لن يكون ناجزا ولن يثني الأتراك الذين في أقل من يوم استفادوا من أنظمة بديلة لتمرير تغريداتهم التي ارتفعت بمعدلات قياسية مقارنة بما كانت عليه قبل الحظر. وها هو العالم كله حانق على خطوة إردوغان التي شقت الصف الذي ينتمي هو نفسه إليه، ولم يتمكن الرئيس التركي عبد الله غل من السكوت على خطوته، فانتقد ما فعله إردوغان عبر «تغريدة».

لكن، على قدر ما تبدو المسألة مباشرة وواضحة، على قدر ما تزيد الحيرة.. إذ من المحال أن يمر حجب «تويتر» وفرض القيود على هذا النحو مرور الكرام، أو أن يثمر استقرارا لحكم أو اقتصاد، والدليل هو اهتزاز الليرة التركية فور الإعلان عن حجب «تويتر». أما نتائج الانتخابات القادمة التي فعل إردوغان ما فعله من أجلها، فقد لا تثمر خسارة كبرى له لكنها حتما لن تبقيه في المكانة التي تبوأها خلال العقد الماضي.

إنه الدرس نفسه الذي لا نكل من تكراره واختباره: التقنيات أتاحت لنا مساحات من الحرية لن تتمكن أعتى الديكتاتوريات من قمعها نهائيا، فلماذا فعل إردوغان ما فعل؟!

الأرجح أنه آن أوان الرحيل من السلطة وهو ربما أمر كان ينبغي أن يحدث منذ مدة، فمبدأ تداول السلطة، وهو لبّ الديمقراطية، لم يأت من عبث، إذ من المحال أن يستمر مسؤول في الحكم فترة طويلة من دون أن يشعر بامتلاء وبتضخم في الذات يدفعه إلى مثل ما نرى في عالمنا العربي أو في بقاع عديدة أخرى، وها نحن نراه في تركيا.

أن يعلن إردوغان أنه سيحارب «تويتر» بل ويشرع في ذلك، فهذا ذروة الانتشاء بالنفس والتوهم أن بالإمكان محاربة رأي عام ليس تركيًّا فحسب بل عالمي لديه من القدرة والمعرفة والذكاء ما يسمح له بتحويل سطوة السلطة وحظرها إلى سيل من النكات والتعليقات الساخرة، كما هو حاصل حاليا حيال «سلطان» تركيا الحديث.

بمصارعة إردوغان «تويتر» ارتكب على الأرجح خطيئته الكبرى، ولن يكون إردوغان ما قبل حجب «تويتر» هو نفسه بعده.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

561 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع