د.عمر الكبيسي
ما يثير الاستغراب والدهشة هو تصرف ساسة العملية السياسية بالذات عربا وأكرادا شيعة وسنة ومكونات اخرى أمام هذا المشهد المأساوي والقمعي والطائفي الذي ينبئ بانهيار العراق من خلال استمرار سياسة الفوضى الخلاقة ومشروع التقسيم .
لو كان لدى هؤلاء الساسة نضج فكري بسيط لتذكروا جيدا انهيار السفينة التي ركبوا فيها للعبور سيغرق كل ركابها بلا استثناء او تمييز وأن المواقف المحكومة بالانتساب العرقي والطائفي والإثني والانتفاع الشخصي والفئوي لهؤلاء الساسة يهدد بشكل خطير الواقع العراقي المرير ويلوح بكارثة وطنية تحرق الأخضر واليابس في العراق وتهدد مستقبله وحينها لن ينجو منها مكون لوحده ولا طائفة بذاتها .
يعترف كل الساسة الجدد في العراق الجديد ان البلد ماضٍ الى الهاوية بسبب سياسة فرد ينفرد بالقرار يضفي لنفسه العصمة ويسفه بغيره افراداً وكتل بضمنهم نوابه و وزراءه وقيادات الكتل السياسية التي تشاركه في العملية السياسية .عندما يشكك المالكي بأداء مجلس النواب ويطعن بمجلس رئاسته ، ويستصغر من مكانة السيد الصدر وتياره ويهاجم أياد علاوي وتوجهاته ويحجب الرواتب عن موظفي الكرد بذريعة إعاقتهم لتمرير الموازنة التي لم تقدمها حكومته بالوقت المقرر بوضوح وتفصيل قطعي وعندما يلقي بمبادرة السيد الحكيم لتجنب المواجهة العسكرية في الانبار عرض الحائط وعندما يستغل غياب رئيس الدولة ومرضه لأكثر من عام للقضاء على خصومه فيصفي نائبه الهاشمي بتهمة الارهاب ويضغط على القضاء لإصدار قرارات لصالحه بتجريم خصومه واجتثاثهم ومحاكمتهم وتفسير الدستور وفق مقاصده ومرامه وعندما يتحكم بموارد البلد ويسحب من ارصدته الدولية والمصرفية مبالغ هائلة خارج صلاحياته وينقل هذا ويطارد ذلك ويعين من يشاء من ادارات الهيئات المستقلة كالبنك المركزي ومجلس القضاء ومفوضية الانتخابات وعندما يشن حروبا ومواجهات عسكرية خاسرة ومكلفة مع شعبه وضد مدن ومحافظات وسكان محليين بمظلة الإرهاب الدولي وحين يستشري الفساد دوائر الدولة وبنيتها التحتية وتعم الفوضى والرشوة والاختلاس وتسود العقود الوهمية في مفاصل الدولة والمشاريع الخدمية والاستثمارية ويُهدد العراق بالإفلاس على مدى مستقبلي قصير بالرغم من زيادة موارده النفطية ولا تخضع موازناته منذ سنين لتدقيق ورقابة مالية وعندما يفلت القتلة والمجرمون من العقاب وتمتلئ السجون بالضحايا والأبرياء ، لماذا يستمر هؤلاء الساسة بالشراكة مع هذا الحاكم المتفرعن ،ولماذا لا يستطيعوا مجتمعين او منفردين محاسبته او عزله او حتى الانفراط من حلقته وتفرده ودكتاتوريته ؟ وكيف يسوغون لأنفسهم ان الانتخابات القادمة التي يحسبوها استحقاقا شعبيا لتحقيق التغيير ستكون نزيهة في ظل حاكم يسوس البلاد بهذه الغوغائية ؟ وكيف يسمح للشعب ان يحقق التغيير المطلوب من خلالها ؟.
مسئولية انهيار العراق بعد الاحتلال مسئولية مشتركة لا يتحمل المالكي وحده مسئوليتها ، إنها مسئولية جماعية يتحمل وزرها أقطاب العملية السياسية بكل شخوصها على اختلاف منابعهم ومكوناتهم واتجاهاتهم ولا يبرئ منهم أحد إلا من غادرها طوعا منهم ماداموا شركاء فيها ومصرون على هذه المشاركة بلا خجل ولا ملل .
الرهان على الإنتخابات في ظل الواقع العراقي المتأزم بإحداث التغيير رهان خاسر والانتخابات إذا أجريت كما خطط لها المالكي وحزبه من خلال الاجتثات ومنع الترشيح وسوء السلوك والدعاوى الكيدية والإسقاط المتعمد لن تحقق التغيير المتوقع بل قد تأتي بالأسوء كما جاءت الانتخابات في مراحل متفاوتة من تاريخ شعوب عديدة باسوء الساسة المتسلطين الذين الحقوا الكوارث بشعوبهم وأممهم .
وأخيرا اليوم قالها أياد علاوي : ( كفانا خزيا نحن الساسة في العراق ان يستمر نزيف الدم العراقي بعد عشرة سنوات من تشكيل الدولة) .
634 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع