يا ذباب!

                                            

                                 دلع المفتي

تعب بعض شيوخ الدين، لله درهم، وهم يبحثون في قواميس الكتب ومعاني الكلمات عن أوصاف جديدة للمرأة، في محاولة «ترغيب - ترهيب» شديدة اللهجة لطمسها، ومحو وجودها.

مرة تكون المرأة لؤلؤة تحجبها المحارة! ومرة هي فستقة كامنة داخل قشرتها؛ لتحميها. ومرة هي قطعة حلوى مغلفة لتبعد عنها الذباب. وأخيرة - وليس لأوصافهم أخير - هي سيارة «لكز» جديدة!

هذا شأنها في الدنيا. أما في الآخرة، فيبشر هؤلاء أنفسهم، عبر ملف فيديو، انتشر على طول شبكة الإنترنت وعرضها، بأن المرأة ستنتهي لتصبح واحدة من 19600 محظية لأحد المؤمنين الوافدين إلى «الجنة». إذ يقول الشيخ، أطال الله في عمره، إن لكل مؤمن، يصل الجنة، حوريتين. ثم لكل حورية 70 وصيفة، ويستفيض في متواليات رياضية، قائلاً: «الحورية حلالك والوصيفة حلالك. ثم عندك زوجتك في الدنيا ومعها 70 حورية ومع كل حورية 70 وصيفة» وعليه، وبحسبة بسيطة، إن كان الرجل متزوجاً من أربع نساء في الدنيا، فسيحصل على ما مجموعه 19600 حورية، حسب دقة وموضوعية حسابات الشيخ الجليل!

ينظرون إلى الإنسان ككائن شهواني تحركه غرائزه، عبر سعار جنسي محموم ورخيص. وبطريقة ما، حوّلوا الدين الروحي إلى دين جسدي، متناسين كل ما أتى به من أخلاق ومبادئ وتعاليم. وهكذا، راح بعض رجال الدين يفسرون الدين، ويصدّرونه إلى العوام والسذج من الذين يستقبلون خطابهم بحسن نية ويصدقونه ويتبعونه ويعملون على أساسه. إلى درجة أن رجلاً من باكستان «الشقيقة» أراد أن يفجّر نفسه بعملية «إرهابية»، طمعاً بالحوريات، مما جعله يحمي نفسه بلفافات من القصدير، كي يتمكن من الوصول إلى الحوريات دون نقص أو عطب عضوي!

هكذا يرون المرأة... في الدنيا ما هي سوى «شيء»، وتستطيع أن تختار بين أن تكون حيواناً، أو سيارة، أو حلوى، أو أي «شيء» إلا أن تكون إنساناً مثلهم. أما في الآخرة، فهي «آلة» إمتاع وانتشاء، وظيفتها سعادة الرجل واختبار فحولته فقط (هذا في حال أتاها الدور ضمن الــ19600 اللواتي قد يسبقنها!).

شغلتهم المرأة وأشغلتهم بتغطيتها وطمس هُويتها وخنقها وقمعها، فحاولوا تحقيرها وإنهاء دورها، فبالنسبة إليهم، هي ليست سوى جسد، ولا ذِكر عندهم لفقرها وحاجتها واضطهادها والعنف «المرخّص» بحقها. وليس ثمة مصيبة تحدث إلا وكانت المرأة سببها أو من أسبابها، وما من فتنة تشتعل إلا والمرأة وقودها ونارها. ويبدو أنه ما من حل للمرأة إلا أن يبيدوها بالكيماوي من باب سد الذرائع!

الأمر الذي لم ينتبه إليه أولئك «الفطاحل»، أنهم عندما حقّروا المرأة وجعلوها حيواناً وسمكة وقطعة حلوى يجتمع فوقها الذباب... قد اعترفوا بأنهم ليسوا أكثر من ذباب! - See more at:

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

545 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع