أخبار الحوادث في صحف أيام زمان
هذه الزاوية نعرض فيها أخبار الجرائم والحوادث التي وقعت في بغداد والعراق قبل عقود مضت، وكما نشرتها الصحف المحلية آنذاك (ملحق الأسبوع الذي تصدره جريدة الشعب: العدد ٣٨٢٧ بتاريخ ١٨ مايس ١٩٥٧..
شقاوة إمرأتين:
استخبرت معاونية شرطة إمام طه بحدوث مشاجرة بين الأمرأتين كل من عفيفة عباس و فضيلة غازي، وعند جلب المرأتين إلى المركز كانت علائم السكر بادية على وجهيهما، وبعد ارسالهما الى المستشفى واجراء الكشف الطبي عليهما ثبت احتساء الأمرأتين للخمرة.. فقرر حاكم التحقيق إيداعهما التوقيف.
تنكـّـر !!!!
شاهد رجل من أهالي الزبير رجلين يرتديان الملابس النسائية ويتجولان في أسواق الزبير فطتاردهما والقى القبض على أحدهما بينما لاذ الثاني بالفرار.
وقد حضر مركز شرطة الزبير الشخص المدعو إبراهيم عبدالرحمن من أهالي الزبير، وأفاد بأنه كان قادماً من مدينة البصرة في طريقه إلى الزبير بسيارته، فشاهد شخصين قرب سوق الزبير يرتديان الملايس النسائية فقبض على احدهما المدعو حميد خضير وجلبه معه الى المركز اما الثاني فقد ركن الى الفرار فبوشر بالتحري والتحقيق لمعرفة سبب تنكر الشخصين بزي النساء.
محتالة الأعظمية:
ألقت شرطة الأعظمية القبض قبل ثلاثة أيام على أخطر محتالة عرفها رجال الشرطة في العراق، فقد أرتكبت هذه المرأة وتدعى (نشمية ريحان) أكثر من 30 حادثة سرقة واحتيال، وما زال التحقيق مع المحتالة يجري باشراف معاون شرطة الاعظمية عبدالفتاح السامرائي والمفوض يحيى رشيد، في القضايا التي ترد اخباريات من الناس عن الاموال التي سرقتها هذه المحتالة منهم.
فقد أخبرت مركز شرطة الاعظمية الامراة (اميرة محمد) وادعت بان امراة قد حضرت لدارها وابتاعت منها (فوطة) بقيمة ثلاثة دنانير ونصف ثم طلبت منها ان تجلب لها فوطتين اخريين، ولكن المتهمة هربت بالمبلغ بعد ان احتالت على اهل الدار بحجة ذهابها لتقديم طعام الغداء لزوجها.
وبنتيجة التحري والتعقيب قبض على المحتالة نشمية بنت ريحان ولدى عرضها على المشتكية فقد تعرفت عليها، وبعد التحقيق معها اعترفت المتهمة بجريمتها كما اعترفت بجرائم اخرى في اماكن مختلفة من مدينة بغداد.
يموت من الفرح!!!
لطيف حاج احمد كهل في العقد الخامس من عمره امتهن النجارة في محلّة تحت التكية في عقد الجام، وكان يكسب عيشه بعرق جبينه فيدر له عمله هذا ربحا يقيم به أوده وعائلته، وفدأة تفتحت أبواب السماء عندما ظهر الى الوجود قانون تصفية الوقف الذري الذي دفعه الى مراجعة المحاككم لاستحصال نصيبه من وقف له من أجداده ومضت الايام والشهور وهو ينتظر نتيجة القضية.. وكان يوم جاءه فيه الخبر بحصوله على مبلغ ثلاثة ىلاف دينار حصته من الوقف ولم تتحمل أعصابه هذه الصدمة المفرحة فأغمي عليه في الحال واستدعيت له سيارة الاسعاف لنقله الى المستشفى وفي الطريق فارق الحياة دون ان تكتحل عيناه بالالاف الثلاثة التي كان حلمه الذي يراود خياله..
هجوم الخنازير:
هاجم عدد من الخنازير بعض الأهالي في محلة الهارثة وكتيبان في لواء البصرة وسببت لهم بعض الاصابات والجروح. فقد حضر مركز شرطة شط العرب المدعو زاير دوباش بن شمخي جالبا معه ابنته المسماة (بشتة) وابنة عمه المسماة (زهرة) وأفاد بأنه عندما كانت الفتاتان المذكورتان تجكعان الحطب في قرية كتيبان اذ تصدى لهما خنزير وهاجمهما واسقطهما على الارض فاصيبتا بجروح ورضوض، وارسلتا الى المستشفى للمعالجة وادخلتا فيها.
كما حضر المدعو سيد محمد السيد خلف من سكان قرية الهارثة مدعيا بأنه قد تصدى له خنزير وعضه في ساقه اليسرى وسبب له بعض الجروح فارسل الى المستشفى للمعالجة. والتعقيبات جارية للقبض على الخنازير المهاجمة.
تصادم غريب؟؟
وهذا حادث تصادم غريب من نوعه، فقد نسمع بحدوث تصادم بين السيارات او القطارات او البواخر وحتى بين الطائرات، ولكننا نادرا ما نسمع عن حادث تصادم بين حصانين في الصحراء!!
وهذا ما حدث، فقد أخبر مركز شرطة الأسكندرية المدعو عبدالله محمد من عشيرة الجنابيين الساكن بأراضي (مويلحة) قرب بلدة الاسكندرية وافاد بأنه بينما كان راكبا فرسه وكانت تركض بسرعة، إذ صادفه المدعو خضير الكسار وكان هو الآخر راكبا على ظهر فرسه، فاصطدما وأدى الحادث الى اصابتهما برضوض وجروح مختلفة في انحاء شتى من جسميهما، وكذلك أصيب الفرَسان بكسور ورضوض مما أدى إلى موت أحداهما.
حديث مع نائب المدعي العام الاستاذ سلمان عبدالجبار:
من هو المجرم الذي اشفقت عليه؟
من هو المجرم الذي اثار سخطك؟
رجل يذبح زوجته امام اطفاله الثلاثة..
لقد سمعتم ولا شك بالادعاء العام، ونائب المدعي العام الذي يرد اسمه كل يوم في الصحف والمجلات، عندما يطلب الى المحكمة تجريم المتهم، او براءته فهو الذي يمثل الحق العام للمجتمع وللشعب كله، ويقف في المحاكم كل يوم يستمع لاقوال المشتكين والمتهمين، وشهادات الشهود، ويناقش هذه الاقوال والشهادات والادلة، والقرائن، فتتفاعل هذه العوامل كلها في فكره، وبقناعته ووحي ضميره ووجدانه فيبدي مطالعته للمحكمة مطالبا اياها بانزال اشد العقزبات بالمجرمين او ببراءة المتهم من التهمة الموجهة اليه بعد تقديم ما يتراءى له من الادلة والبراهين.
قضيت ساعتين مع الرجل الذي امضى سبع سنوات مع الجريمة والمجرمين سبع سنوات ينظر فيها يوميا ما لا يقل عن أربع قضايا من حوادث الاجرام، يدرسها بكل دقة وعناية، ويستمع لأقوال المشتكين والمتهمين، وشهادات الشهود ويناقش هذه الأقوال والأدلة والقرائن ثم يقدم مطالعته للمحكمة فيطلب فيها إدانة المجرم، أو براءة المتهم، حسبما يتراءى له من قناعته وايمانه وبما يوحي اليه ضميره ووجدانه وظروف القضية.
ففي كل يوم تقدم له اضابير القضايا التي تحال اليه من حكام التحقيق في ألوية بغداد والكوت والدليم فيدرسها ويلاحظها، فإذا وجدها خالية من نقص قانوني أو أصولي يرسلها الى امحكمة الكبرى لتعيين يوم المرافعة.
هذه الجلسة كانت مع نائب المدعي العام وليس مع المدعي العام. وقد خرج نائب المدعي العام بفكرة معينة عن الجريمة والمجرمين، والعقلية التي يرزح المجرم تحت وطأتها والدوافع التي تدفعه الى الجريمة. وهذه الدوافع تختلف في القرى والارياف عنها في المدن، ففي القرى والارياف تكون دوافع الجريمة واسبابها على الاكقر، الاختلاف على مياه السقي وتوزيعها، وعلى قسمة الطعام، وجرائم الدفاع عن النفس، والسرقة، وجرائم غسل العار، والقتل والايذاء بسبب دخول حيوانات الرعي الى الحقول، وكذلك بسبب الزواج بالنهوة.. وما يتبعها. أما في المدن فإن أكثرية هذه الأسباب تختفي وتبرز أسباب أخرى مكانها منها جرائم القتل وغسل العار، والجرائم الناتجة عن احتساء الخمر، عندما يكون المجرم حاملا للسلاح الناري او الجارح وجرائم اللواط والزنا والسرقة التي يكون الدافع اليها غالبا الفقر والبطالة، وجرائم السلب على الطرق العامة وبين المدن.
وقد توجهنا الى نائب المدعي العام الاستاذ سلمان عبدالجبار ببعض الاسئلة:
• هل ان طرق محاكمة المجرمين في العراق تؤمن تطبيق العدالة بكل معانيها؟
فقال: هذا موضوع متشعب يشمل اجراءات القبض على المتهم واجراءات التحقيق والمحاكمات وما يتشعب عنها من مواضيع. وان القوانين الاصولية والقضائية المطبقة في العراق كافية لتأمين العدالة اذا ما روعي فيها حسن التصرف، كما اعتقد ان هذه القوانين راقية جدا وهي ان لم تكن احسن، فانها متساوية مع بقية القوانين المطبقة في البلاد العربية والغربية.
• وهل انت مرتاح لعملك هذا، ام ان هناك صعوبات ومضايقات تصادفك في عملك؟
فقال: انني مرتاح لعملي واشعر بلذة لمزاولته وبالرغم من المضايقات والصعوبات الكثيرة التي تصادفني ومن ذلك مضايقات الصحفيين!
المتهم البرئ!!!:
وسالته عن المجرم الذي اثار الشفقة في نفسه، فقال:
لاان المجرم الذي اثار الشفقة في نفسي بصورة خاصة شخص كان قد اتهم بجريمة قتل ولكني كنت مقتنعا ببراءته، غير ان ادلة البراءة التي استطيع ان اقدمها للمحكمة كانت ضعيفة واهية. وكنت ارى مصير هذا المتهم غامضا، فكان يحز في نفسي ويسبب لي الالم واشعر بالشفقة والرحمة على المتهم البرئ. وانتهت المرافعات في المحكمة وجاء دوري لاقدم مطالعتي .. وبينما كنت افكر واقلب صفحات اضبارة المتهم عثرت على قرينة فهمت منها ان هذا المتهم بالذات لم يكن هو القاتل الحقيقي فطلبت من المحكمة تاجيل الجلسة. فتم التاجيل وبعد التحقيق في القرينة التي اثارت اهتمامي والتي هي عبارة عن كتاب صادر من سجن الموقف جاء فيها ان المتهم كان موقوفا بتاريخ معين، وعند مقارنة هذا التاريخ وجدته نفس يوم وقوع جريمة القتل فشعرت بالراحة والاطمئنان لما توصلت اليه في الامر.
واتصلت بالموقف وتاكدت من صحة هذا الكتاب، وطلبت من المحكمة جلب سجل الموقف والسجانين وافراد الشرطة الذين كان المتهم تحت نظارتهم، وبعد ان استمعت المحكمة الى شهادتهم التي جاءت متطابقة لمضمون الكتاب حيث المتهم كان موقوفا في ذلك اليوم الى الساعة الثالثة بعد الظهر وبما ان الجريمة وقعت في الساعة الثانية عشرة من اليوم نفسه فقد تمكنت من تقديم دليل البراءة الدافع بعد ان كان الدليل ضعيفا واهيا، فقدمت مطالعتي التي طالبت فيها ببراءة المتهم وفعلا برأت المحكمة ساحته، بعد ان كان مصيره معلقا بخيط واه من الامل!.
أطرف قضية:
سألت الاستاذ سلمان عبدالجبار عن أطرف قضية مر بها اثناء قيامه بوظيفته، فقال:أطرف حادث مرّ بي كما أذكر هو حادثة سرقة وقعت في البتاوين كان المتهمون فيها ثلاثة أشخاص، اثنان منهم طويلان جدا، والثالث قصير جداً، ونحيف، يستخدمه الطويلان لادخاله من الفجوات الضيقة عندما يتعذر عليهما الدخول لكي يناولهما ما يستطيع عند السطو والسرقة، وعند القبض عليهم وجد بحيازة القصير بعض المواد المسروقة ومن بينها ملابس داخلية ثمينة جداً لا تباع الا في المحلات الكبيرة ولا يقتنيها الا المقتدرون من الموسرين. وكان من بين هذه المواد قبعة من الخوص الأجنبي، ولما جئ بالمتهمين الى قاعة المحكمة كان ترتيب وقوف القصير بالوسط بين الطويلين، وعندما استجوبت المحكمة المتهم القصير الذي ضبطت الاشياء لالمسروقة الثمينة بحوزته اجاب انه اعتاد على شراء الملابس من احد المخازن الشهيرة المعروفة في بغداد، كما انه تعود ان يلبس قميصا من النوع الغالي الثمن، الا انني نظرت الى هذه الملابس والى القبعة بالذات، وطلبت من المحكمة ان تسأله هل انه اعتاد ان يقتني ويلبس مثل هذه القبعة؟ فاجاب المتهم بالايجاب.. فامرت المحكمة الشرطي فأخذ القبعة ووضعها على راس المتهم فغطست الى تحت انفه مغطية أذنيه وعينيه، وقسما من وجهه! فسرت بين الحاضرين همهمة ضحك محبوسة، فما كان من المتهم الا ورفع القبعة بكلتا يديه، وبكل هدوء اخذ يلعب بها ويحركها كمن لا يعبأ بما أحدثه لبسها وقال غير مكترث (يا حضرة الرئيس انني عندما اشتريتها كان فيها شوية رهاوة)!!.
المجرم القاسي!!!
سألت الاستاذ سلمان عبدالجبار عن المجرم الذي اثار في نفسه السخط والاشمئزاز.
فقال: ان المجرم الذي اثار في نفسي السخط والاشمئزاز والذي لا انسى وجهه ابدا بالرغم من كثرة المجرمين الذين اقابلهم كل يوم فهو رجل قتل زوجته بكل وحشية امام اعين اولاده الثلاثة فقد كان هذا المجرم يكره زوجته لا لسبب جنته ولا ذنب اقترفته، وانما كان يمقتها بلا سبب ففي وهدة الليل قام هذا الوحش وجاء بسكين واخذ يطعن زوجته في انحاء مختلفة من جسمها ثم ذبحها من الوريد الى الوريد وقد ارتاع اطفاله الثلاثة وكان اصغرهم لم يكمل السنة الاولى من عمره وكانوا يبكون ويصرخون في ظلام الليل (بابا ليش ذبحت امي..)، وقد حاول هذا المجرم اخفاء جريمته بدقة وجرأة متناهية الا انه فاته ان يعرف ان كل مجرم لابد وان يترك اثرا لجريمته مهما كان حاذقاً ذكياً، وهكذا فإنه حاول أن يخفي السكين التي ارتكب فيها جريمته البشعة في مرحاض الدار ودفعه خوفه وحذره الى ان يسكب الماء في المرحاض ويدفع السكين بشيش حيدي ولم يكن يعلم ان هناك عينا ترصده، فقد وضع المحقق من يراقب حركاته بعد الكشف عن الحادث، وعندما جوبه بهذا العمل أخذ يدافع عن نفسه ايضا فقال: (إني حاولت أن انظف المرحاض خجلا من دخول احد المحققين او افراد الشرطة الى المرحاض فيرونها قذرة)!! والحقيقة ان هذا المجرم بحركاته التمثيلية اثار اشمئزازي وسخطي الى حد بعيد وبعد جمع الادلة طالبت بتجريمه وفق المادة 312 من ق ع ب وفعلا حكمت المحكمة عليه بالعقاب الذي يستحقه.
والى اللقاء في حلقات اخرى....
846 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع