الحلاج لم يقتل ظلما
كثرت المقالات حول قتل الحلاج وكثر الكلام عن الحلاج وانقسم المتحدثين عن الحلاج بقولهم انه قتل مظلوما والاخرين ايدوا قتله واستحقاقه لهذا القتل فمن هو هذا الحلاج؟
هو الحسين بن منصور الحلاج . ويكنى بابي مغيث ولقب بالحلاج نسبة الى مهنة والده حيث كان حلاجا . ولد في مدينة البيضاء في فارس ( ايران) وقيل ولد في تستر عام 858 ميلاديه ثم انتقلت عائلته الى واسط في العراق ونشا فيها ثم انتقل الى بغداد حيث خالط كبار المتصوفين منهم سهل التستري والجنيد البغدادي وابو الحسن النوري واخذ منهم التصوف ورحل الى بلاد كثيره منها مكة المكرمه وخراسان والهند وبها تعلم فنون الشعوذه والسحر ثم عاد الى بغداد واخذ يستميل الناس بحيله وشعوذته حتى ظنوه انه من اولياء الله الكبار واخذوا يلتفون حوله وينخدعون باقواله وافعاله
-يصيد السمك من الاهوار
اخذ الحلاج بممارسة الشعوذه والسحر امام الناس وكان يظهر لهم الفواكه والمآكل في غير اوانها ويحرك يديه فيسقط منها الدراهم وقد ذكراحد معاصريه وهو ابو بكر محمد بن اسحق الاهوازي نقلا عن احد اصحابه انه جاء الى الحلاج وكانه مسترشد ويريد ان يتفقه في الدين على يديه وبعد فترة ساله الحلاج اي شيئ يشتهيه واي شيئ تريده حتى اجيئ لك به ؟ فقال اريد سمكا طريا فيه الحياة ( يقول كنا في مكان ليس فيه انهار) فقال الحلاج نعم اجلس مكانك وسادخل البيت الذي امامنا وادعو الله ان يرسل لنا السمك ، يقول فدخل البيت واغلق بابه فابطا زمنا طويلا ثم جاء وقد خاض وحلا الى ركبتيه والماء يقطر منها ومعه سمكة كبيرة تضطرب وقال دعوت الله ان يرسل لي سمكة حية فامرني ان اذهب الى البطائح ( الاهوار) فذهبت واصطدت هذه السمكه وهذا الطين من الاهوار، يقول فتوقعت انها حيله فقلت له اتدعني ان ادخل البيت فان لم اجد فيه حيلة آمنت بك فقال ادخل : يقول دخلت البيت واغلقته على نفسي واخذت افتش عن اي ثغرة او حيلة حتى جئت الى لوحة كبيرة متحركه رفعتها فاذا انا في بستان عظيم فيه صنوف الاشجار المثمره والازهار وفيه خزائن فيها انواع الاطعمه والحوائج ووجدت بركة ماء كبيره مملوءة اسماكا كبارا وصغارا فخضتها واصطدت سمكة كبيرة حملتها وخرجت واذ برجلي قد صار فيها الوحل والماء الى ركبتي مثلما جاءنا الحلاج فلما خرجت ورآني الحلاج وبيدي السمكه لحقني فضربته بالسمكه وهربت من.
*** ( عن كتاب المختار من النشوار للتنوخي تحقيق الدكتور عادل البكري - مطبعة حكومة الكويت عام 1985 - الطبعة الاولى)
خروجه عن العقيده
الحلاج له قبول عند كثير من المستشرقين ويظهرونه انه قتل مظلوما فله اقوال تتماشى مع عقيدة النصارى في ( اللاهوت والناسوت) حيث يدعي ان الله قد حل فيه كما هو اعتقاد النصارى ان الله قد حل في المسيح وهو اعتقادهم بالحلول وفي هذا يقول شعرا
سبحان من اظهر ناسوته سر لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهرا في صورة الآكل والشارب
تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
والحلاج في هذه الاقوال والافعال يعتبر من اكثر الرجال الذين اختلف في امرهم وعقيدتهم واجمع اكثرالعلماء على
تكفيره ورميه بالسحر والشعوذه وكثير منهم نسبوه الى القرامطه في معتقداتهم
ورغم ادعائه بالتصوف الا ان الصوفيه الحقيقيه بريئة منه حيث يقول شيخ الصوفيه الامام الجنيد البغدادي ؛-
( الصوفية هي صفاء المعامله وقال ما اخذنا التصوف بالقال والقيل ولكن اخذناه بالجوع والسهر).
وقال الشيخ ابن تيميه ( من اعتقد ما يعتقده الحلاج فهو كافر مرتد فانه قتل لاعتقاده بالحلول والاتحاد وكقوله انا الله وقوله
اله في السماء وانا اله في الارض ) .
الشيخ المفيد يكفر الحلاج
الف الشيخ المفيد وهو من ائمة الشيعه كتابا يقول فيه (والحلاجيه ضرب من اصحاب التصوف وهم اصحاب الاباحة والقول بالحلول وهم قوم ملاحده وزنادقه ويدعون للحلاج الاباطيل ويجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لزرادشت المعجزات).
ومن الاسباب الاخرى التي ادت الى قتله هي:
1- ادعى النبوة ثم ادعى انه هو الله في الارض وان الله قد حل فيه وصار هو والله شيئا واحدا
2 - امر زوجة ابنه بالسجود له فقالت او نسجد لغير الله؟ فقال اله في السماء واله في الارض
3 - سمع قارئا يقرا القران فقال انا اقدر ان اؤلف مثل هذا
4- كان يقول ان ارواح الانبياء اعيدت الى اجساد اصحابه واتباعه فكان يطلق عليهم اسماء الانبياء
5- روى القاضي ابو الحسين عبدالله بن عياش البغدادي ان دفاترا وجدت عند الحلاج يقول فيها ( ان الانسان اذا اراد الحج ولم يقدر على ذلك فانه يستغني عن ذلك بان يصنع محرابا في داره ويغتسل ويحرم ويقول كذا ويفعل كذا فقد سقط عنه الحج
6- لما قبض على الحلاج جيئ بكتب( رسائل) وجدت في داره ارسلها بعضا من اتباعه ودعاته يخاطبونه بها بانه الباب يعنون انه الامام واخرون يخاطبونه بانه صاحب الزمان اي المهدي المنتظر واخرون يخاطبونه انه صاحب الناموس الاكبر اي النبي عليه الصلاة والسلام
الحلاج شاعرا
للحلاج اشعار كثيره نسوق بعضها:-
عن الايمان يقول
للعلم اهل وللايمان ترتيب وللعلوم واهليها تجاريب
والعلم علمان منبوذ ومكتسب والبحر بحران مركوب ومرهوب
والدهر يومان مذموم وممتدح والناس اثنان ممنوح ومسلوب
وخضت بحرا ولم يرسب به قدمي خاضته روحي وقلبي منه مرهوب
شربت من مائه ريا بغير فم والماء قد كان بالافواه مشروب
ولما عرف انه سيصلب كتب هذه الابيات :
اقتلوني يا ثقاتي ان في قتلي حياتي
فمماتي في حياتي وحياتي في مماتي
وبقائي في صفاتي من قبيح السيئات
سئمت نفسي حياتي في الرسوم الباليات
فاقتلوني واحرقوني بعظامي الفانيات
ثم مروا برفاتي في القبور الدارسات
محاكمته ومقتله :-
لما شاعت منكرات ومفاسد الحلاج رفع قاضي بغداد الفقيه محمد بن داوود امره الى الخليفة المقتدر العباسي الذي احاله الى قاضي القضاة ابو عمر محمد بن يوسف المالكي الذي عقد له مجلسا للمحاكمه وحكم عليه بالقتل فدفعه الخليفة المقتدر الى مدير شرطته وامره ان يضربه الف سوط فان مات فبها وان لم يمت يضرب عنقه وتقطع يديه ورجليه وتحرق جثته وينصب راسه على الجسر ففعل به ذلك وكان مقتله عام 922 ميلاديه ( 309 هجريه) وقد اشاع قتله الارتياح عند المسلمين ائمتهم وعامتهم ويروي العلامه ابن كثير عن لسان بعض الفقهاء( ان احسن الاحكام واصوبها قتل الحلاج)
قبره واين دفن
يعتقد بعض المؤرخين ان اتباعه سرقوا ما تبقى من جثة الحلاج واخفوها وبعد ذلك تم دفنه في جانب الكرخ وقد اعيد بناؤه عام 1905 ميلاديه وتم تجديد الضريح من قبل ديوان الوقف السني عام 2005 ميلادي ويقع قرب مستشفى الكرامه في بغداد حاليا.
423 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع