اول متصرف لبغداد في تاريخ الدولة العراقية كيف اختير وكيف عزل ؟
كان احتلال القوات الفرنسية لدمشق على اثر معركة ميسلون الشهيرة التي استشهد فيها وزير الحربية السوري ، يوسف العظمة ، في الرابع والعشرين من تموز 1920 ، وابلاغ الحكومة الفرنسية للامير فيصل بوجوب مغادرة البلاد في قطار ينقله الى فلسطين في الثامن والعشرين من الشهر نفسه وكان ذلك إيذانا للكثير من رجال الحكم العربي بمغادرة البلاد.
كما عد هذا بمثابة الانهيار الكامل للحكم الذي حلم به جميع الوطنيين سواء في سورية او العراق القائم على الاستقلال والوحدة . بيد ان الوطنيين سواء من سورية او العراق لم يستكينوا لهذا الاحتلال ، فقد عمت الاضطرابات والاحتجاجات معظم البلاد وقامت السلطات الفرنسية بمطاردة الضباط العراقيين في سورية وسجنه البعض منهم وعددهم مئة وخمسون شخصاً قضوا في معتقلهم ثلاثة اشهر ، ذاقوا خلالها اشد انواع التعسف والتعذيب .
يظهر ان رشيد الخوجة احد رجال الامير فيصل لم يكن بعيداً عن هذه الأحداث سيما انه الوطني الذي لايرضى بالاحتلال الاجنبي ، لذلك يبدو انه شارك في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسورية حيث تأخر رجوعه الى بغداد بعد سقوط دمشق نحو اربعة اشهر ، وهذه المدة التي قضاها رشيد الخوجة في سورية لم نجد له فيها أي عمل هناك خلاف مقاومة الاحتلال الفرنسي الذي كان يبحث عن رجال الحكومة الوطنية ، فقد القت الطائرات الفرنسية منشورات على بعض قرى حوران طالبة من السكان إخراج فيصل ورجاله من بلادهم والا فسوف تزحف الجيوش الفرنسية لإخراجهم منها .
قام رشيد الخوجة بعد ان سنحت له الفرصة بمغادرة دمشق والعودة الى بغداد حيث وصلها في الثامن والعشرين من تشرين الثاني 1920 ، ولم يكن رشيد الخوجة من الشخصيات الهامشية او التي لا يعرفها العراقيون ، بل كان ذو شخصية معروفة ومتميزة ، حيث رحبت جريدة (( العراق )) بمقدمه الى العراق فنشرت ما نصه (قدم العاصمة حضرة الوطني الكبير والمفكر المفضال صاحب السعادة رشيد بك الخوجة الأفخم أتيا من دمشق الشام وسعادته من رجال العراق الممدودين ومن اركان النهضة العربية الكبرى ، فنرحب بالهمـة والاقدام ونتمنى لحضرته طيب الإقامة) .
لم يأتِ ترحيب الجريدة برشيد الخوجة من فراغ اذ سرعان ما تبين للجميع أهمية وجدية المرحب به ، لاسيما بعد تسلمه لمهام ادارية ودبلوماسية عديدة ، حمل مسؤوليتها على اتم وجه .
استقبل رشيد الخوجة في بغداد عقب وصوله اليها في الخامس والعشرين من تشرين الثاني 1920 ، استقبالاً شعبياً ورسمياً حاراً ، وقد بينت صحيفة (( الاستقلال )) في عدديها دوره الوطني ، الذي قضاه في خدمة القضية العربية كما وتحدثت عن المناصب التي شغلها في الدولة العثمانية والحكومة العربية بدمشق .
ونظراً لمسيرة رشيد الخوجة النضالية ودوره الوطني في خدمة القضية العربية ، فقد أسندت (وزارة الداخلية) ، في الحكومة العراقية المؤقتة ، له منصـب متصـرفيـة بغـداد فـي العـاشر مـن كانـون الاول عـــام 1920 .
وكان لطالب النقيب ، وزير الداخلية والصديق الحميم لرشيد الخوجة ، دور في إسناد متصرفية بغداد للخوجة على الرغم من ان اختيار الاشخاص للمناصب الإدارية انذاك لم يكن مرهوناً بموافقة وزارة الداخلية او مجلس الوزراء فحسب ،
بل كان لا بد من مصادقة المندوب السـامي البريـطاني برسي كوكس (Percy cox) ، له .
لم يسمح لوزير الداخلية ان يتقدم بقائمته الخاصة بالتعيينات الإدارية آلا في 10 تشرين الثاني بعد عودة جعفر العسكري واللجنة الخاصة في منطقة الفرات الاوسط من جولته النهرية لمعرفة رأي الشيوخ بنوع الحكم المزمع قيامه ، حيث وجد ان الاكثرية يفضلون الأتراك على البريطانيين لانهم يعرفونهم . وقد جرت المصادقة على التعيينات الادارية من مجلس الوزراء وشملت اولاً بغداد وضواحيها ، شملت القائمة الاولى تعيين كل من محمود الطبقجلي قائم مقام مندلي في 19 تشرين الثاني 1920 ، وممتاز الدفتري قائم مقام الكاظمية في 21 من الشهر نفسه ، ورشيد الخوجة متصرفاً لبغداد في 11 كانون الاول ، واحمد بك قائم مقام سامراء في 21 من كانون الأول .
عندما باشر رشيد الخوجة منصبه في متصرفية بغداد ، قام اولاً بالتعرف على متصرفيته واحتياجاتها ومن ثم اعداد الدراسات والجداول الخاصة بها والبحث عن الوسائل الممكنة لتطويرها من جميع النواحي لاسيما النواحي التربوية والصحية . كان لرشيد الخوجة دور واضح في معالجة المشاكل التربوية ايماناً منه بأهمية التركيز على ثقافة النشيء الجديد لانه ،برأيه ، يمثل الأداة التي سوف تقود دفة الإدارة والحكم في البلاد ، لذلك قام بزيارة عدد من مدارس بغداد ، حيث زار دار المعلمين العالية وقد صحبه في جولته هذه مدير المعارف العام عبدالله بك تفقد فيها الصفوف الدراسية ووقف على طريقة التدريس وتحدث مع الهيئة التدريسية في شؤون التربية والتعليم ، وحث في كلمة له الطلبة على زيادة طلب العلم وحذرهم من الاكتفاء بما يتلقونه من معلومات في مدارسهم ، بل شدد على ضرورة المطالعة الخارجية موضحاً لهم حاجة البلاد الى العلم والتهذيب في أن واحد ، لانه ( السلاح الوحيد الذي يستطيع بواسطته مقاومة الانحطاط والخمول ) ، فضلاً عن قوله :- ((اننا بامس الحاجة الى جيش جرار من المتعلمين والمهذبين ليغيرون على معاقل الجهل ويقوضون اركانه ويرفعون للحضارة والرقي أعلاماً زاهرة عالية) .
كان رشيد الخوجة يدرك اهمية العلم واثره في نهضة الامم ورقيها ، لذلك كان يؤكد على الاهتمام بدار المعلمين العالية ، لانها ، تعد في ذلك الوقت، من المؤسسات التعليمية المهمة في البلاد ، كما كان يتابع باستمرار المناهج التعليمية في المدارس الابتدائية والثانوية ، ففي احدى زياراته لمدرسة البارودية اطلع على جدول الدروس الاسبوعي وتصفح بعضاً من الكتب المضررة ، وقام بالتجوال في صفوفها مؤكداً على هيئتها الادارية ضرورة التزام النظام ، وحث الطلبة على متابعة السعي وراء العلم والثقافة ، وأكد أنه على استعداد للمساهمة في أي عمل يمكن القيام به من أجل تطوير وتوفير جميع المستلزمات الضرورية للمدرسة .
أخذ رشيد الخوجة يعنى عناية واضحة بالمدارس الأهلية لذلك فقد حظيت تلك المدارس بزيارته ، ففي زيارة له قام بها للمدرسة الجعفرية في الكاظمية ، اثناء اجراء الامتحان العمومي ، امتحان نهاية العام الدراسي ، قام بالتجوال في الصفوف متابعاً سير الامتحانات للاطلاع على كيفية مراقبة الطلبة موجهاً اياهم على ضرورة عناية بطلب العلم والمعرفة فضلاً عن زيارته للعديد من المدارس الأخرى .
لم يكن اهتمام رشيد الخوجة مقتصراً على الشؤون التعليمية والثقافية في المتصرفية فحسب ، بل كان يولي عناية كبيرة وواضحة لشؤون المتصرفية الأخرى ، المتعلقة بحفظ سلامة الناس ، فعند أجراء إطلاق المدفعية لبعض الطلقات أثناء التمارين التي كانت تقوم بها كتيبة المدفعية العراقية حدثت بعض الإصابات بين صفوف المواطنين لذلك كان رشيد الخوجة يحذر المواطنين عن طريق الصحف بضرورة الابتعاد عن اماكن الخطر .
بحكم وجود رشيد الخوجة على راس متصرفية بغداد قام باعداد الاجراءات المناسبة لاستقبال الامير فيصل بن الحسين ، عندما كان في طريقه الى بغداد ليتوج ملكاً على العراق ، والذي وصل الى البصرة على ظهر الباخرة البريطانية نورث بروك North Brock , في الثالث والعشرين من حزيران 1921.
شارك ناجي السويدي الذي وصف بانه من اكثر المؤيدين لفيصل رشيد الخوجة بالأعداد لحفل استقبال الأمير في بغداد حيث وصلها في السابع والعشرين من حزيران 1921 ، وقد حضر الحفل نحو خمس مئة شخص من جميع شرائح المجتمع الذين رحبوا بالأمير وعبروا له عن اعتزازهم بالعائلة الهاشمية ، في حين تباينت ردود الافعال في بقية الالويـة الأخرى .
كانت بريطانيا تسيطر على جميع شؤون العراق وتديره عن طريق المندوب السامي ، ولما كان الامير فيصل يحظى بدعمها فقد اجتمع (( مجلس الوزراء)) في بغداد بجلسته المنعقدة في الحادي عشر من تموز 1921 ، ونادى بالأمير فيصل ملكاً وبقيام حكومة ديمقراطية دستورية ، وعند رفع المجلس القرار المذكور الى برسي كوكس للمصادقة عليه رفضه بسبب إصراره على اخذ موافقة الشعب على تتويج فيصل ملكاً على العراق . لمنع قيام معارضة شعبية ضده ، لذلك فقد اوصى مجلس الوزراء اتخاذ وزارة الداخلية ما يلزم لتنفيذ هذا القرار .
أرسلت وزارة الداخلية الى جميع المتصرفين في الألوية العراقية لأجراء استفتاء للتصويت على ملوكية فيصل ، وذلك من خلال مضابط خاصة اعدت لهذا الغرض ، نصت صورة المضبطة على ( نحن الموقعين أدناه ، سكان محلة … من ناحية … من قضاء … في لواء … قد بلغنا قرار مجلس الوزراء ، المندرج أعلاه ، وفهمناه ، وتاملناه بتمام الامعان ، فكانت النتيجة موافقة الرأي … ومبايعتهم للامير بدون معارض ) وقد دعا رشيد الخوجة من جهته مختاري المحلات في متصرفيته وشدد عليهم ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لأجراء التصويت في العاصمة بطريقة قانونية وشرعية ، على ان يكون هذا التصويت يوم الجمعة التاسع والعشرين من تموز عام 1921 ،
وقد قام بتوزيع بطاقات الدعوة على أشراف ووجهاء العاصمة للحضور الى ردهة سينما رويال لأطلاعهم على نتائج التصويت العام وللاستماع الى قرار مجلس الوزراء المتعلق بالمناداة بالامير فيصل ملكاً على العراق والوقوف على اراء الناس والمدعوين على هذا القرار .
القى رشيد الخوجة في صباح ذلك اليوم خطاباً اوضح فيه (( سعادة الامة وابتهاجها بقدوم الامير فيصل )) الى العراق وبين فيه الاحتفلات التي اقيمت له ما كانت الا تعبيراً عالياً عن تقدير ((الامة لرجالها الذين جاهدوا في سبيل القضية العربية )) وأمالها القومية .
قام رشيد الخوجة باطلاع الحاضرين على قرار مجلس الوزراء الخاص بجعل فيصل ملكاً دستورياً على العراق ثم سأل الحاضرين عن رأيهم ان كانوا مؤيدين ام معارضين حفاظاً على سلامة الإجراءات وليتيح الفرصة لكل شخص بالتعبير عن رأيه .
كان لرشيد الخوجة دور واضح ومعبر عما كان يدور في نفسه ، من ضرورة تعبير المقترعين عن آرائهم دون أي ضغط او شروط ، لذلك فقد علت بعض الأصوات تقترح إضافة بعض الشروط او التحفظات على صيغة البيعة ،لكي يمكنهم ذلك القبول بالأمير فيصل ملكاً على العراق بموجب تلك البيعة . نصت صيغة البيعة قبل التعديل على (المناداة بسمو الامير فيصل ملكاً على العراق بشرط ان تكون حكومته حكومة دستورية نيابية ديمقراطية مقيده بالقانون)
هنا وفي وسط هذا الموقف الحاسم من تاريخ العراق ، لم يكن من رشيد الخوجة ألا رفض الانصياع إلى طلب الحكومة بالتصويت دون أي شرط ، فخاطبَ الحاضرين بقوله :- (( ان المضابط بايديكم فضعوا عليها ما تشاؤون من الشروط )). وقد اشارت بعض المصادر ان سبب موقف رشيد الخوجة من البيعة هو صداقته لطالب النقيب (الذي كان احد المرشحين للعرش العراقي) ،وعدم رغبته بملوكية فيصل .
ابدى المصوتون تفاؤلاً بما قاله رشيد الخوجة فوضعوا الشروط التي رأوها مناسبة لهم والتي كانت تعبر عن طموحاتهم وامالهم وتضمن حقوقهم . وبعد ان انهى الحاضرون التصويت عملت لجنة الاستفتاء على تلخيص المقترحات والاراء التي ادخلت على النص الاصلي فقام رشيد الخوجة بقراءة النص المعدل على الحاضرين وكان على ما ياتي:- (( اجتمعنا فصوتنا بأجماع الرأي العام على تتويج الامير فيصل ملكاً على العراق بحدوده الطبيعية ، على ان يكون ملكاً دستورياً ويرأس حكومة دستورية نيابية ديمقراطية مستقلة ومجردة من كل قيد ، ومنقطعة عن سلطة الغير ، ولابد ان يكون اول عمل تقوم به هو تشكيل وجمع المؤتمر الذي يسن القوانين والدستور في مدة ثلاثة شهور لاستلام زمام الأمور )) .
من خلال العرض السابق يظهر الدور البارز لرشيد الخوجة بالأخذ بمقترحات الشعب بغض النظر عما تحددهُ سلطة الانتداب البريطاني في صيغة البيعة ، وكان يطالب بالحرية الكاملة للشعب في اختيار من يرأسه وبالشروط التي توافق وتحقق المصلحة العامة ، ولا ننسى تأثير الصداقة العميقة التي كانت تربط الخوجة بطالب النقيب وما كان لها من دور في اتخاذه لهذا الموقف .
امتعضت السلطات البريطانية للشروط التي وضعت على صيغة البيعة في المتصرفية ، لاسيما الشرط الخاص بعدم قبول ملوكية فيصل الا في حالة ان يكون بعيداً عن اية سلطة اجنبية، واصفةً العناصر التي حرضت على وضع هذه الشروط وغيرها بانها عناصر متطرفة .
يظهر ان الموقف الذي وقفه رشيد الخوجة من بيعة الملك فيصل قد اغضب السلطات البريطانية ، لذلك أجمعت المصادر على ان سبب استقالة رشيد الخوجة من منصبه في الثالث عشر من ايلول 1921 بسبب موقفه من الاستفتاء الذي حصل على ملوكية فيصل في العراق ، سيما قيامه بمخالفة امر الحكومة بعدم اضافة اية شروط او مقترحات على صيغة البيعة التي أعدت اساساً ببطاقات لا تقبل التعديل او الاقتراع .
اختير رشيد الخوجة متصرفاً لبغداد ، مرة اخرى ، في الخامس من تشرين الثاني 1923 ، ويبدو ان سبب تعيينه للمرة الثانية يتعلق بمعرفته الدقيقة بإدارة أمور بغداد ولاسيما ان متصرفية بغداد تتمتع بأهمية سياسية وادارية واقتصادية وما الى ذلك لكون بغداد وهي عاصمة البلاد،لابد لمن يديرها ان تتوافر فيه العديد من المزايا الادارية التي كان رشيد الخوجة يتمتع بها ، من بينها اسلوبه الحازم في متابعة الامور ومعرفته السابقة بشؤون المتصرفية ، فضلاً عن إخلاصه لوظيفته ، وقد سعى رشيد الخوجة الى تحسين نواحي الحياة في المتصرفية ، مثل تحسين الأمور المعيشية والصحية وحالة الطرق والعناية المتزايدة بالتعليم والإدارة الموجبة للتطور . وهذا التعيين يدل من جهة اخرى على جانب مهم من حياة الدولة العراقية الحديثة اذ لم يكن ينظر الى الشخص المعين من ناحية موقفه من رئيس الدولة بقدر ما كان ينظر الى كفايته ودرايته.
منح رشيد الخوجة صلاحيات عديدة في المتصرفية كونه شخصية معروفة ومجربة ، لذلك قام بالنيابة عن الملك فيصل في استقبال بعض الشخصيات المهمة على الصعيد العربي والدولي على السواء بصفته نائبأً عن الحكومة العراقية .
تقدمت الحكومة البريطانية بمشروع معاهدة 1924 ،التي كان ظاهرها الاستقلال وباطنها الانتداب والحكم المباشر ، الى الملك فيصل والحكومة العراقية لاجل التصديق عليها وأرفقت مع المعاهدة ، لاجل المساومة ، مشروع القانون الاساسي تنشأ بموجبه حكومة برلمانية وملك مقيد بدستور ، وهذا ما اثار الوطنيين وقاموا بتعبئة وأستنفار القوى الوطنية والشعبية لإحباط المشروع البريطاني .
كانت متصرفية بغداد معقلاً للحركة الوطنية ، لوجود فئة مثقفة واسعة فيها وذات تاثير كبير ، سيما من المحامين الذين عقدوا اجتماعاً لهم في التاسع من نيسان 1924 ، في احدى دور السينما بحثوا فيه المعاهدة وملحقاتها ، وعندما لم يتوصلوا الى قرار ، قرروا عقد اجتماع أخر في احد فنادق العاصمة.
قدم المحاميان داوود السعدي ورشيد رشدي طلباً الى متصرف بغداد رشيد الخوجة لاقامة اجتماع في فندق الهلال في محلة الميدان مساء يوم الجمعة الحادي عشر من الشهر نفسه ، ولما لم يكن رشيد الخوجة بمعزل عن الحركة الوطنية المتصاعدة انذاك فانه لم يتوانى عن الاستجابة لهذا الطلب من دون الرجوع الى وزارة الداخلية ، حيث منح الأذن لاقامة الاجتماع ولكن وزارة الداخلية عندما علمت به أصدرت أوامرها بمنع إقامة الاجتماع وزيادة في الاحتياط فان الوزارة طلبت من صاحب الفندق المذكور ، عدم السماح للمجتمعين بالدخول الى فندقه في ذلك اليوم بكل السبل الممكنة .
على الرغم من أن رشيد الخوجة لم تكن له مسؤولية دخل في منع عقد الاجتماع ، فقد اعترض بعد أعضاء المجلس التاسيسي على أجراءه ومنهم عبدالرزاق الرويشدي ، نائب الحلة ، لانه منع الاجتماع على حد زعمه ، وفي مقابل ذلك قام المحاميان السعدي والرويشدي بعقد الاجتماع في مساء الثامن عشر من نيسان في سينما رويال ، وفي المكان نفسه الذي جرى فيه التصويت على تنصيب فيصل والذي كان سبب استقالة رشيد الخوجة من منصبه عام 1921 . وهكذا فقد اقيم الاجتماع والقيت الخطب الحماسية التي قابلها الجمهور بمزيد من الحماس الوطني.
في الخامس عشر من ايلول 1924 ، ترك رشيد الخوجة متصرفيته بغداد ليعين امينا للعاصمة ، ويبدو ان ذلك يعود الى السبب نفسه الذي ادى الى استقالته الاولى من منصبه وهو التضامن مع الحركة الوطنية المتصاعدة سيما وان نشر القانون الاساسي كان على الابواب .
ظل رشيد الخوجة يمارس دوره الوظيفي بهمة ونشاط ولكن في مكان اخر بعيداً عن العاصمة بغداد .
عين رشيد الخوجة متصرفاً للموصل بموجب الارادة الملكية الصادرة في الخامس من اذار 1922 ،يظهر من نص الارادة بان هذا التعيين ، جاء لما عرف عنه من كفائة ومقدرة ادارية ، وهذا يدلل على ان تعيينه كان نتيجه لمزاياه الجيدة في الادارة .
الگاردينيا: حاولنا كثيرا الحصول على صورة للمرحوم / رشيد الخوجة ولكن للأسف الشديد لم نفلح في محاولاتنا.. ياريت لو يرسل لنا أحد الأخوة صورة له ..نشكره مقدما..
الكاتب:رائد راشد الحياني
المصدر:المدى
708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع