عين المشاعير/زينب عبداللاه:قصة حبهما تشبه قصص الحب فى أجمل الروايات الرومانسية، تحدت الصعاب، وعاشت رغم الطلاق وبعد الموت، وأنتجت أجمل الأغانى والألحان.
فكلما ذُكرت قصص الحب الخالدة، التى تحمل أسماء روميو وجولييت، وقيس وليلى، وعنتر وعبلة، لا بد أن نذكر اسمى بليغ ووردة، تلك القصة التى أهدتنا عشرات الأغانى الرومانسية، وبدأت حتى من قبل لقاء الحبيبين.
وفى ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة وردة، التى وُلدت فى 22 يوليو من عام 1939 نلقى الضوء على قصة الحب الخالدة بين المطربة الكبيرة والموسيقار العبقرى.
بدأت العلاقة الفريدة قبل اللقاء، عندما استمعت وردة وهى فى سن 16 عاما إلى أغنية "تخونوه" للفنان عبد الحليم حافظ من فيلم "الوسادة الخالية"، الذى شاهدته فى إحدى صالات السينما بفرنسا، حينما كانت تقيم مع أسرتها هناك، وأعجبتها الأغنية، وسألت عن ملحنها، وقررت أن تلتقيه إذا سمحت الظروف وسافرت إلى مصر، وكانت سعادة وردة كبيرة عندما دُعيت لزيارة مصر، وكان حلمها بلقاء بليغ أحد أسباب هذه السعادة.
وحكى الإعلامى الراحل وجدى الحكيم عن اللقاء الأول بين وردة وبليغ حمدى، عندما ذهب لتحفيظها لحن "يا نخلتين فى العلالى" من فيلم "ألمظ وعبده الحامولي" مع الفنان عادل مأمون، وقال الحكيم إن بليغ أخبره أنه لأول مرة يهتز حين يرى امرأة، عندما سلّم على وردة، وتكررت اللقاءات، وزاد الحب اشتعالا، حتى قرر بليغ الزواج من وردة، وكانت الصدمة حين رفض والدها استقباله على باب المنزل.
ورغم رفض أسرة وردة زواجها من بليغ، ظل حبه لها مشتعلا، حتى بعدما عادت مع عائلتها للجزائر، وأصرّت أسرتها على زواجها من قريبها.
أنجبت وردة ابنيها وداد ورياض، وابتعدت عن الفن لفترة، ومرّت عشر سنوات، سافر بعدها عدد من الفنانين المصريين إلى الجزائر للاحتفال بعيد الاستقلال، فذهبت وردة للقائهم فى الفندق، وكان من بين الحضور هدى سلطان ومحمد رشدى وبليغ حمدى، الذى أمسك بالعود وجاءته فكرة أغنية "العيون السود"، حين رأى محبوبته التى لم ينساها، وكتب عددا من أبياتها، ووعدته وردة أن تغنيها إذا أكمل كتابتها وتلحينها.
وبعد عام ونصف العام انفصلت وردة عن زوجها، وعادت إلى مصر، وغنّت "العيون السود" فى 1972، التى أكمل كتابتها الشاعر محمد حمزة بأفكار بليغ.
وقيل إن بعض مقدمات الأغانى التى وضعها بليغ لأم كلثوم كانت رسائل غير مباشرة منه إلى حبيبته البعيدة، خلال فترة فراقهما، ومنها مقدمات أغنيات (بعيد عنك، والحب كلّه، وسيرة الحب، وأنساك)، وأن أم كلثوم عندما علمت بالأمر قالت له مازحة: "أنت بتشغّلنى كوبرى للبنت اللى بتحبها".
وبعد عودة وردة إلى مصر، قرر الحبيبان الزواج وتم عقد القران فى منزل الفنانة نجوى فؤاد، وغنّى فيه العندليب الأسمر أغنية "مبروك عليك"، واستمر زواج وردة وبليغ 6 سنوات.
وغنّت وردة أجمل أغانيها من ألحان بليغ، منها: العيون السود، وخلّيك هنا، وحكايتى مع الزمان، واشترونى، وغيرها.
ولكن بسبب الغيرة واعتياد وردة على الحياة الأسرية التى لم يعتدها بليغ، وقع الطلاق بينهما، ما تسبب فى تدهور حالة بليغ الصحية والنفسية، حتى أنه كاد يُصاب بالاكتئاب، كما أصيبت وردة بعد الطلاق بانفجار الزائدة الدودية وكادت تفقد حياتها.
وحتى مع الفراق لم ينته الحب بين وردة وبليغ، وكتب بليغ أغنية "بودعك"، تجسيدا لمشاعره بعد فراق وردة، وطلب من وردة أثناء مكالمة تليفونية من منفاه فى فرنسا أن تغنّيها، وظل بليغ يحب وردة إلى آخر يوم فى حياته، حتى أن ابن شقيقه قال إنه كان يردد اسمها قبل وفاته فى 1993.
وقال وجدى الحكيم، إن الفنانة وردة ندمت على الانفصال عن بليغ، وقالت له: «تعاملى مع بليغ بعد انفصالنا خلانى ندمت على الانفصال، ولو كنت عرفت بليغ زى ما عرفته بعد الانفصال كانت الحياة استمرت بينا".
وغنّت وردة أغنية "بودعك" التى كانت آخر أغنية جمعتها مع بليغ، وبعد وفاته أصيبت بحالة اكتئاب شديدة، وظلّت فى كل لقاءاتها تتحدث عنه، إلى أن توفيت فى عام 2013، بعد عشرين عاما من وفاته.
وفى حوار مع الفنان طارق فؤاد لـ"عين" كشف أنه غنى من ألحان وكلمات بليغ حمدى لأول مرة، أثناء وجود بليغ فى فرنسا وقت القضية الشهيرة، التى كان متهما فيها ولم يكن يستطيع العودة، وكان متأثرا بعدم قدرته على الاحتفال بعيد ميلاد دلال حفيدة وردة الجزائرية وابنة ابنتها وداد، رغم أنهما كانا منفصلين خلال هذه الفترة.
ورغم ذلك كتب بليغ أغنية ولحنها بمناسبة عيد ميلاد حفيدة وردة الجزائرية تجمع كلماتها بين التهنئة والتأثر بالغربة، ويظهر فيها حزن بليغ؛ لعدم قدرته على العودة لمصر وحضور عيد ميلادها، وتقول كلمات الأغنية: "سنة حلوة يا دلال يا بنت بنت الغالية وبنت بنت وداد، أنا بحلم إنى جتلك ومسكت العود غنتلك وغنت وردة عشانك غنوة لعيد الميلاد، أنا بأحلم بالمحال أنا جايلك يا دلال".
634 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع