إِنَّ كَلاَمَ الْحُكَمَاءِ إذَا كَانَ صَوَاباً كَانَ دَوَاءً، وَإِذَا كَانَ خَطَأً كَانَ دَاءً...الإمام علي ـ كرم الله وجهه

ماذا لو سمع المالكي مطاليب المتظاهرين؟

   

        

منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وتظاهرات عارمة تنطلق في عدد من محافظات العراق، إبتدأت بتظاهرات أهل الفلوجة والرمادي على أثر قضية رافع العيساوي...

ثم تبعتها مظاهرات الموصل وسامراء وديالى وتكريت وبيجي وكركوك والشرقاط وأنحاء مختلفة من بغداد
كان موقف نوري المالكي في البداية متشنجاً ولا ينسجم مع النهج الديمقراطي والدستوري اللذين يجيزان حق التظاهر السلمي
تفوّه المالكي إعلاميا بعبارات سيئة (بل غير لائقة به) وماكان يجب أن تصدر عن شخص رئيس وزراء في بلد يدعي الديمقراطية وحكم القانون حيث اتهم المتظاهرين بأنهم يتبعون أجندات خارجية وأنهم مأجورون ومدفوعون وان شعاراتهم نتنة ... وبدلا من أن يعلن مبادرة للاستماع لمطاليبهم فإنه هددهم أن ينتهوا قبل أن تنهيهم قواته المسلحة
خطاب المالكي كان عامل تصعيد للأزمة وليس عامل تهدئة فهو يتغافل الأعداد الهائلة للمتظاهرين (مئات الألوف وفي أنحاء متفرقة من العراق يتقدمهم شيوخ عشائر وقبائل) كما التحقت بهم اعداد من المتضامنين والمحتجين من مختلف انحاء العراق وبالأخص من المحافظات الوسطى والجنوبية ومحافظات كوردستان
الأمر الخطير الآخر الذي عمد إليه المالكي هو تسيير تظاهرات مُسيّرة ومُوَجّهة لتأييد مواقفه وللتنديد بمطالب المحتجين في المحافظات !! وهي خطوة ساذجة وخطيرة، ساذجة لأنها مكشوفة وغبية وانفضحت التوجيهات الحكومية التي كانت وراء تسيير هذه التظاهرات، ولكن الخطير فيها أنها أجّجت وهَيّجَت الشحن الطائفي في المجتمع، وهيّجت الطرف الآخر، وأظهرت إنقسام العراقيين بفعل سياسات الحكومة الخاطئة
لو درسنا مطاليب المتظاهرين عند انطلاقة التظاهرات لتبين لنا أنها مطاليب مشروعة وشرعية ونقل عن المالكي في أكثر من تصريح قوله بشرعية المطاليب لكنه رمى مسؤولية تنفيذها على السلطتين التشريعية (البرلمان) والقضائية (مجلس القضاء) متناسياً أن الناس اليوم تعرف كل شئ وان تسييس القضاء بات أمراً مكشوفا ومفضوحا للجميع
لو بادر نوري المالكي في الساعات الأولى لإنطلاقة التظاهرات وأعلن تشكيل غرفة عمليات أو غرفة أزمة أو لجنة مشتركة عليا مخولة، تضم الحكومة والقضاء والبرلمان ومن يمثل المتظاهرين لكان قد إحتوى 90% من الغضب الجماهيري
فمطاليب الجماهير واضحة وهي بيد نوري المالكي وليس غيره...
فحين يطالب المتظاهرين اطلاق سراح السجينات البريئات المعتقلات خلافا للقانون كان على المالكي ان يرحب بذلك ويوعز بتسهيل تنفيذ المطلب خاصة وان المعتقلات تم اعتقالهن للضغط على متهمين هاربين لتسليم انفسهم وهو أمر يتنافى مع أبسط قواعد العدالة ...

واما مطلب التحقيق مع المذنبين في قضية اغتصاب المعتقلات فكان ينبغي ان يكون المالكي ودولة القانون اكثر حماسة للدفاع عن شرف العراقيات لأنه رئيس وزراء العراق وليس رئيس وزراء الشيعة فقط وهو يعلم جيدا حجم الفساد في اجهزته الامنية..
واما مطلب إنهاء الإجتثاث او المسمى تجميلا المسائلة والعدالة والمسمى في الشارع العراقي بإجتثاث البعض أي إجتثاث السنة فقط لأن رئيس الوزراء يعرف قبل غيره أن جميع قيادات مكتبه والقيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الألوية والفرق والأفواج هم من الضباط البعثيين السابقين في عهد صدام ويفترض أنهم مشمولين بالاجتثاث... لكن طائفية تنفيذ قانون الاجتثاث أدت لفضح المنهج الطائفي لرئيس الوزراء في استهداف مكون معين دون غيره
ثم ان مطلب المادة 4 إرهاب سيئة الصيت التي باتت تسمى في الشارع المادة 4 سنة لأنها سيف مسلط من أجل إعتقال أي شخص وتعذيبه بتهمة 4 ارهاب والتي تتطلب العدالة والإنصاف في التنفيذ والأمر بيد المالكي لا غيره لأنه وزير الداخلية ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة
تلك أبرز مطاليب المتظاهرين ولو تعامل معها المالكي بذكاء وحسن تصرف لكان قد احتوى الغضبة الشعبية
لكن إنكار المالكي الذي لايصدقه أحد وادعاء أن الأمر بيد البرلمان والقضاء وليس بيده خدعة لاتنطلي على أحد
 
وهذا ما أدى بالمتظاهرين الى أن تتوسع قاعدتهم وأعدادهم (صارت مليونيات) واصرارهم وان يرتفع سقف مطاليبهم لتصل الى اسقاط النظام واسقاط المالكي لا بل وصلت الى المطالبة بإسقاط الدستور والعملية السياسية برمتها
كما أن لجوء المالكي الى منع التغطية الاعلامية للتظاهرات وقطع الانترنيت والاتصالات لن يخدمه في شئ فقد سبقه بها بشار وحسني مبارك ولم تنفعهما في شئ
لقد ضَيّعَ المالكي فرصة لتطويق الأزمة... والأزمة تتوسع.. والمطاليب تكبر وسقفها يرتفع عاليا... ولا أعتقد أن المالكي قادر على أن يخوض غمار مغامرة متهورة باستخدام العنف والقوة ضد المتظاهرين لأنه إن فعل ذلك يكون قد فتح أبواب جهنم عليه وعلى دولة القانون متناسياً أن أهل الأنبار والموصل هم من لقنوا الامريكان درسا قاسيا واسهموا في طرد المحتل.. وان التأزيم معهم يدفعهم الى معاودة رفع السلاح ضد عدو أسهل وأجبن بكثير من القوات الأمريكية المدججة بكل أسلحة الدمار.. عسى ولعل منطق الحكمة هو الذي يسود قبل فوات الأوان
 حمـــدان البغــــدادي

قوس قزح

مقالات

المهندس أحمد فخري

قصة (تايسون) /الجزء الاول

عصمت شاهين الدوسكي

بتول

د.محمد تقي جون

حسن سريع

د.منار الشوربجي

تعهدات ترامب وترشيحاته

د.باسل يونس الخياط

تعداد السكان

سنية عبد عون رشو

درس التعبير ...قصة قصيرة

فارس حامد عبد الكريم

مدح النفس بين الرفض والقبول

ثقافة وأدب

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

947 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع