حب في المترو... قصة قصيرة بقلم جلال چرمگا
من حق الشعوب ان تتباهى بنوع وجودة المترو في بلدانها ..
يقال ان مترو مدينة موسكو أجودها .. حيث النظافة والدقة في المواعيد ...
الخ .. أما ما رأيته في مدينة باريس فكان يثير الدهشة والاعجاب ....تنوع المرمر وأختيار الوانها في الارضية والجدران كانت كفيلاً بجلب انتباه كل من زار باريس وأطلع على ذلك الصرح لاول مرة ....
دعني لا اتجول اكثر من هذا .. فلقد قطعت تذكرة الى العنوان الذي اروم الذهاب اليه ... هاهي القاطرة قادمة .. انها المطلوبة فعلاً ... ان مواعيدهم مضبوطة .. أجل لقد وصلت في موعدها المقرر ..
هنالك مكان شاغر بجوار تلك المرأة العجوز .. سأجلس هناك أجل سأجلس هناك ...
آه ... مقاعد جميلة .. نظيفة .. زجاجها نظيف ... يا ألهي كم مرة ينظفون هذا الزجاج ...؟ أن الناس هنا من حقهم ان يفضلون المترو على بقية وسائط النقل ... حيث السرعة والامان والاقل سعراً ..... لا علينا ..
ما أسم هذا العطر الذي تتعطر فيها هذه العجوز الجالسة بجواري ....؟ وما دخلي انا ...؟ المهم انها مدهشة حقاً ... كيف لا انه عطر فرنسي اصيل ... ها ... ها نحن في فرنسا ! ولسنا في .... ياألهي .. أنها مندمجة تماماً مع كتابها .. تقرأه بكل دقة .. هاهي تدفع بنظارتها من الخلف لتضبط السطور والكلمات تماماً .. تارة تضحك من كل قلبها وبكل هدوء .. تارة أخرى يتطاير الشر من وجهها وعينيها من خلال تلك النظارات !!! ترى مالذي تقرأه .. على الاكثر انها رواية .... أو شعراً .. لا .. لم أستطع معرفة ذلك فأنها مكتوبة بالفرنسية .. انها مندمجة تماماً .... أنظر .. أنظر اليها انها ومنذ ان رأيتها قد وضعت ساق على ساق وملأة فمها ( بعلكة ) كبيرة وملطخة وجهها بمكياج كثيف .. أية إمرأة هذه التي تتصرف هكذا وهي في هذه المرحلة من العمر ... ؟
لا علينا ... ولكن كنت اتمنى بدلاً من هذه العجوز لو كانت شابة جميلة ... انيقة ... رشيقة ... متعطرة بنفس هذا العطر ...
آه ...آه .. وجدتها .. ياألهي هذه هي ضالتي المنشودة ..!! كم هي جميلة .. انها نفس الاوصاف .. نعم وأني متأكد بأن عطرها أطيب من عطر هذه العجوز .. أجل .. أجل ... بالتأكيد .. لا يمكن ان يكون عطر تلك الحسناء عطراً رديئاً ... كلا فنحن في فرنسا ..!!! صحيح .. بعد هذه المحطة ستنزل هذه العجوز وسيصبح مكانها فارغاً .. ستأتي حسنائي هي وكلبها الابيض الجميل وستجلس بجواري ..!!!
ياألهي .. ماهذه الرائحة ..؟ أنها أزكى من رائحة العجوز بالف الف مرة .. سأسألها عن أسم عطرها ...؟
لا تستعجل يارجل ويحك ... كن صاحب ذوق وتعلم اداب الكلام مع السيدات في مثل هذه البلدان .... كيف أبدأ ؟؟ ماذا سأقول ..؟
آه .. لقد تذكرت سأسألها أولاً :-
- كلبك جميل .. ما أسمه ..؟
+ شكراً .. عيونك أجمل ... أسمه لارسي !!!
لقد أجابتني .. هل صحيح عيوني جميلة ..؟ لم أسمع بهذا المدح من قبل .. أن عيوني صغيرة .. ومع هذا ...
- ماذا تطعمين كلبك يا سيدتي ...؟
+ الطعام الخاص للكلاب .. انه متوفر في كل الاسواق ..
الحمدلله .. لقد اجابتني اجابات مطولة .. كلامها جميل .. صوتها أجمل .. أجل .. سأقول لها :-
- ممكن أن اطعم كلبك هذه القطعة من الشكولاتة ..؟؟
+ أجل .. أجل .. مرسي .. فكلك ذوق .. متشكرة جداً يا حبيبي .. مرسي ..
ياألهي .. لقد قالت حبيبي .. فعلاً لقد نلت ما أريد .. هذه المرة سأطلب منها موعد .. أجل موعد والجلوس في أحد المقاهي الباريسية .. سنحتسي القهوة معاً .. وسأطعم كلبها المدلل المزيد من الشكولاتة والحلويات !!! أجل ان اسهل طريقة للوصول الى قلوب سيدات أوربا هي عن طريق كلابهن !!! ها .. ها .. ها .. حقاً انها أقصر واسهل طريقة ..!!!
- ممكن ان نلتقي اذا كان عندك وقت ..؟
+ لم لا .. فليس لدي أية ارتباط .. لدي الوقت الكافي بقضاء عدة ساعات سوية .
ها .. ها .. لقد لقد أصطدتها .. فزت بها .. بعد جلوسنا في المقهى .. سنشرب القهوة .. وندخن السيكاير .. بعدها سأهتم بكلبها كثيراً بالرغم من اني لا احب الكلاب قط في عمري ..!!!
مالعمل فهذا الكلب .. كلب حبيبتي .. " الف عين لاجل عين تكرم " .. هذا صحيح ..
انها تجلس امامي وجهاً لوجه ... سأرمي نظارتي جانباً .. دعها تتمتع بالنظر الى عيوني الجميلة .!! سأتحدث اليها بكل هدوء .. فالوقت كله لي .. بعد قليل سأدعوها الى السهرة حتى الصباح.. اجل حتى الصباح ..!!
- ماذا تقولين .. ؟
+ بكل سرور هذا لطف كبير منك .. سأذهب الى البيت أترك الكلب هناك ... أغير ملابسي .. واعود اليك بأسرع وقت .!!
- وأنا سأكون على أحر من الجمر .. سأنتظرك الساعة العاشرة بالضبط .. بالضبط .. أريد موعداً مضبوطاً كمواعيد وصول قاطرات المترو الباريسية !!!!
آه .. ياألهي .. لقد وصلت .. أجل وصلت .. يالروعة منظرها .. ماهذا الفستان البنفسجي الجميل ..وهذه السلسلة الجميلة على صدرها ..!! يا ألهي كم هي جميلة .. يالجمال تسريحتها ..!! أن الحلاقين الفرنسيين مشهورون جداً بتجميل السيدات وعمل التسريحات الجميلة كالتي عملوها لحبيبتي الباريسية !!!
- مواعيدك مضبوطة .. كم أنت رائعة .. ياحبيبتي ...سنسهر حتى الصباح .. أجل حتى الصباح ..
# أستيقظ يا ولد ... أستيقظ فهذه نهاية المحطة !!!!
- آه آه .. ما الذي حدث ..؟؟
# لقد نمت نوماً عميقاً .. لا بد أنك متعب ..؟ شخيرك أفسد على المطالعة!!.. هيا تهيأ انها المحطة الاخيرة ... بالمناسبة شكراً على تلك الشكولاتة التي تفضلتم بتقديمها لي .. لابد انها من صنع بلدكم !!!!
جلال چرمگا
أيلول / 1997
للراغبين الأطلاع على القصة السابقة( بنت الناس) النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/thaqafawaadab/2733-2013-01-21-19-08-20.html
1365 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع