لَمْ نَتَّفِق هكَذا … يا سيدي البَطَل
قبل أن ابدأ بوصف و تَقْريظ كتاب " أم المعارك - حرب الخليج عام 1991 … الحقيقة على الأرض " لمؤلفهِ الفريق الركن صلاح عبود محمود قائد الفيلق الثالث في فترة ( العدوان الثلاثيني - حرب الخليج الثانية) " أم المعارك " باختلاف مصادر تسمياتها ، وأنشر المقالة للمُنصفين حصراً ، وهم القلائل المُتَّزنة في زماننا ( التَعِس ) ، و ليس لِمَن ينظر إلى الحَدث التاريخي بعينين - أحداهما ( مُبصِرَة ) ترى الاسباب و النتائج ؛ ثم تكتب أو تتحدث بجزئية المنفعة الذاتية فتغضُ الطَرفَ عن جزئيات " مكونات " أخرى بغياب الضمير ؛ فتُرَكِز على النتائج و تتغافل عن الأسباب والدوافع - بعيداً عن الخشية و الرقابه الربانية . أما العين الأخرى فهي (عوراء ) لا تُبصر للدوافع والأسباب على حقيقتيهما - وهذا ما حصل من قِبَّل جُهال المعرفة و التقدير بمسببات اجتياح العراق للكويت ، رغم تحفظنا على التَسَرُع الذي خُطِطَت ونُفِذَت به عملية الدخول للكويت - بعيداً عن حسابات التحفظ من ردود الأفعال الدولية ( المُبيَّتة ) فأنزلقَ مُتخذ القرار فوق قشرة الموز، بعد أن لَمْ يَبْقَ فِي قَوْسِ الصَبُّرِ مَنْزَعُ ؛ بسبب الاستفزازات الكويتية الموجهة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية .
الصورة رقم (١) واجهة الكتاب.
لابد لي أن أُجزلَ الشكر ، وأعقبهُ بالثناء على السيد المؤلف لإهدائه نسخة الكتاب مَمهوراً بخط يدهِ و توقيعهِ الشخصي وتاريخ الإرسال - موضحة في الصورة رقم (٢) . سيكون للكتاب موقعاً مُتميزاً في مكتبتي ؛ نظرا لما أعرفهُ عن شخصية الكاتب - قيادياً وأكاديمياً و حيادياً .
رُبَّ سائلٍ يسالُ - لماذا اخترتَم العتاب عنواناً للمقال ؟
نُجيبُ : بأنهُ عتابُ ود بمُنتهى الاحترام لأستاذٍ من اساتذتنا الكرام ، وقائد من بين صفوة قادة جيشنا البطل . اخترنا العنوان بهذا النص كوسيلة جذب وتشويق للقارئ . لقد حصل بيني وبين المؤلف تواصلاً حول بعض ما جاء في مقالتي " المُتداول عن خيمة صفوان " المُدوَّن رابطها في أدناه :
https://www.algardenia.com/maqalat/59947-2023-08-21-07-06-04.html
ثم تحوَّلَ الحديث بيننا نحو كتابه الأخير " الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 " ، وحينَ سألني هل قرأت الكتاب ؟ أجبتُ نافياً ؛ فقال سأرسلُ لك نسخة منه … وَجَّل من لا يسهو ، ولا ينسى .
استنتجَ المؤلف أن الكتاب الذي اعنيه - هو الكتاب الذي تكَرَّمَ بإرساله و وصلني ؛ فتكررَ وجوده عندي ، ولم يتوقع أن الكتاب الذي انتظرُ وصوله هو الكتاب الآخر - برغم عدم صعوبة الحصول على كتاب " الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 " لكن يبقى للإهداء الشخصي من المؤلف قيمة رمزية تفوقُ القيمة المادية لسعر شراء الكتاب من المكتبات .
لا تَثْرِيبَ عليكُم سيدي الفاضل أبا عُمَر ، ولا تهتم ؛ فقد حصلت على الكتاب المقصود ؛ لكنه غير مَمهور بإهداء شخصي ، وذاك سبب تلميحي بودٍ يخلو من المَلامَة والعِتاب .
بعدَ ( الفَرشَة ) التمهيدية - غدَّوتُ مُلزَماً من الناحية الأدبية و الذوقية أن أعَرِّفَ القُراء بموجز عن الكتاب موضوع البحث، و سأقتبس من مضمونه ( بالنص ، أو بتصرف ) بهدف أختيار ما أراه ينسجم ، مع تعريف وتشجع القارئ على قراءته ومعرفة الحقائق من سطور وصفحات كتاب قائد رفيع - قاد قطعاته بإعجاب العدو قبل أعجاب الصديق ، وكتبَ ما تُمليهِ عليه متطلبات الدُنيا و الدين، دون أن يتعارضا مع الحقائق - التي سيُسألُ عنها كل كاتب و متحدث ((يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) .
من مختصر السيرة الذاتية للكاتب نستنتجُ أنه قد دَرَّسَ في كلية الأركان قُرابة خمس سنوات ؛ اكسبَته تاهيلاً اكاديمياً عالي المُستوى ، وتدَّرَجَ بمناصب الأمرة والقيادة ؛ فتلاقحت و تنامت تجاربهِ وخبرته الأكاديمية و الميدانية بخطين يلتقيان حيث الضرورة القيادية - بجانبي الإدارة وفنون القتال ومكملاتهما . قاد ثلاث فرق ثم أعقبها بقيادة ثلاثة فيالق ، أو تشكيل بمستوى فيلق ، وهو أعلى مستوى تنظيمي ميداني في الجيش العراقي .
توالت المناصب التي شغلها المؤلف في ظروف الحرب العراقية - الإيرانية ، وما بعدها وهي دلالة من دلالات الاقتدار و التمَّكُن القيادي … تكلَلَت بتوليه منصب معاون رئيس اركان الجيش للادارة ، وإن لم تخذلني الذاكرة فقد شغل منصب معاون رئيس أركان الجيش للميرة بالوكالة ، اضافة الى منصبه الأصلي كمعاون للإدارة ، و بانتقالة مهنية تولى منصب محافظ لثلاث محافظات مع الاحتفاظ برتبته العسكرية … ثُمَ وكيل اقدم لوزارة الداخلية ؛ تلك مؤشرات ودلالات قدرة قيادية متوازنة تَتكَيَّف مع تَبَدُل الوسط الوظيفي . بإمكان القارئ الإطلاع على تفاصيل مناصب الكاتب من الصورة رقم (٣) .
عدد صفحات الكتاب ( ٣٦١ ) صفحة - تتضمن : مقدمة - تُمَّهِد لثمانية فصول ، و خلاصة " خاتمة " تُرَّكِز على ما تطرقَ لهُ الكاتب باختصار مُترابط - بعيداً التفاصيل الكاملة . ليس تغافلاً من المؤلف عندما تخطى أسلوب التوازن بين الفصول من حيث تقارب عدد صفحات كل الفصل ؛ فقد أوجبت ضرورة التوَّسُع في مضمون الفصل الأول على سبيل المثال وليس الحصر بأن تكون عدد صفحاته أكثرّ من مجموع ثلاثة فصول تقريباً . بمعنى أن الكاتب قد رجَّحَ تحقيق جانب الوضوح على مُتَطَلَّب التوازن ؛ وهذا لا يُعابُ عليه المؤلف ، و لاينتقص من قيمة الكتاب ؛ طالما يحقق ضمان استمتاع وأسترسال القارئ بمادة علمية تاريخية مترابطة كُتِبت بحبر دماء الجرحى و المفقودين والشهداء .
قائمة محتويات الكتاب مُنَظَّمَة بأسلوب يُمَّكِن القاري من الوصول إلى العناوين الرئيسية و الفرعية بسهولة تامة ، وهي مُبيَّنَة في الصورذات الأرقام ( ٤ ، ٥ ، ٦ ) على التوالي .
ستكون لنا عودة بمشيئة الله لعرّض وتحليل مضمون ثلاثة فصول رئيسية ، ونترك لرغبة القارئ الاطلاع على الفصول الخمسة الأخرى . أما الفصول التي سنتناولها باذن الله في مقالاتنا القادمة فهي :
الفصل الأول : أم المعارك في الكتب والدراسات الأمريكية .
الفصل الثالث : بدء العدوان الجوي ومعركة الخفجي،وقد نجمعُ بين ما كتبَ عنه المؤلف كقائد أعلى- استلام توجيه تخطيط ،اشراف، متابعة ، وما كتب عنه قائد التنفيذ الادنى - قائد الفرقة المُنفذة العميد الركن ( آنذاك )الفريق الركن لاحقاً ياسين فليح المعيني.
الفصل الثامن : محادثات سفوان ، وقد نجمع فيه ما كتبه المؤلف، وما كتبه الفريق الركن خالد بن سلطان (الشقيق ) في العروبة و( الخصم ) في ميدان القتال .
دعوة للقراء الكرام ولمُحبي عراقنا الجريح أن يطلعوا على هذا الكتاب القَيِّم و المُحايد بكل فصوله - التي لن يجدوها بالجدية والموثوقية - وفق ما كتبَ فيه الفريق الركن صلاح عبود محمود الجبوري ، بتقديرنا الشخصي ، ولا نستبعد ان يجدونها تُجانِب ، أو تُخالف الحقيقة تماماً في المصادر الأخرى .
ملتقانا في مقالة أم المعارك في الكتب والدراسات الأمريكية … إن أمدنا الله باقتدار صحي ، وجعلَ لنا من العُمرِ بقية .
419 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع