بغداد ايام الزمن الجميل / 9 اماكن الترفيه والسفرات..
في ايام الزمان الجميل من القرن الماضي كان البغداديون معروفون بميلهم الى الترفيه والنكته والمزاح وكانوا يخلقون هذا بمناسبه وغير مناسبه وكان البغداديون والبغداديات يقتنصون الايام والمناسبات للترفيه بأي شكل كان وبأي طريقه..
وكانت السفرات والتي كانت تسمى عند اهل بغداد ( الكسله ) وهي مأخوذه من كلمة الكسل اي الراحه وترك الاعمال والمشاكل او تأجيلها والتنعم بيوم من الراحه والكيف يرافقها في كثير من الاحيان حلقات طرب وغناء وغالبا ما تشاهد النسوه والاطفال وهم يحملون ادوات عزف بسيطه تتركز على (الطبله – الدنبك ) والدف وبعض الاحيان (الناي _المطبك ) وقد تجد فرقة ابو خشمان مع الطبل والزماره متواجدين في اماكن الترفيه هذه.
تتهيء العوائل قبل فتره مناسبه لكل سفره او كسله وهذه السفرات تتوزع على مدار السنه ولكنها تنشط ايام الربيع والخريف والمناسبات مثل الاعياد وغيرها ومن ضمن التهيء هو تحضير الطعام والحلويات وادوات الطبخ والفراش والبعض منهم يصطحب الخيم وادوات العزف والقدور والفجج والزنابيل واوعية الماء وفي بعض المناسبات تكون الحركه مجتمعه من مجموعه من العوائل وخاصة اذا كان المكان بعيدا وبالسياره او قريبا بواسطة (الربل ) .
لكل سفره من السفرات اسبابها وطقوسها وتوقيتاتها واماكنها ومن هذه الاماكن :
1-سلمان باك : وهو ضريح الصحابي الجليل سلمان الفارسي في ضواحي بغداد الجنوبيه الشرقيه وعلى بعد مايقارب 35 كم وفيه اثار (طاق كسرى) الذي يذكرنا بمعركة القادسيه التي خاضها المسلمون مع الفرس وتحيط بهذا المكان قريه صغيره (اصبحت قضاء المدائن لاحقا )...
والبساتين واراضي مزروعه وخاصة بالخس وتكون السفره الى هذا المكان في اول الخريف وهو موسم الخس وتتوافد العوائل من كل انحاء بغداد وتضرب خيامها في المنطقه وتباشر بزيارة مرقد الصحابي سلمان الفارسي (رض) والبعض يقوم بحلاقة اطفاله عند سور المرقد حيث يتواجد عدد من الحلاقين يقفون لهذا الغرض وتنثر النقود والاهازيج بهذه المناسبه التي تكون هي اول حلاقه للطفل والتي تؤكد انه ذكر وبدأ يخط طريقه نحو الرجوله , وفي نفس الوقت تكون العائله قد هيأت مكان جلوسها وبدأت الفرق تعزف في كل مكان والشباب يرقص الدبكه او يستمع الى بعض المطربين الذين غالبا ما يتواجدون في هذا المكان ومنهم من المشهورين واخرين يشقون طريقهم للشهره من هذا المكان ومن المطربين والمطربات (عباس جميل وزهور حسين وداوود العاني وحمدان الساحر )..
وكذلك قراء المقام والجالغي والمربعات وتنشغل النسوه وخاصة الكبار بالطبخ وتهيئة موائد الطعام وينشغل الاخرين بالتنزه قرب الطاق او زيارة المرقد او في البساتين وبعد تناول الغداء ينصرف الجميع الى الطرب والغناء والمرح والنكات وحتى تأتي الشمس الى قرب الغروب حيث يتم رزم المواد والتهيؤ للعوده الى البيوت بعد يوم حافل من الترفيه وهم يرددون (ال ما يزور السلمان عمره خساره )..
2-سيد ادريس . يقع مرقد السيد ادريس في الكراده الشرقيه داخل وكانت تعتبر بعيده نوعما عن المركز حيث تسافر لها العوائل من الصباح وحتى العصر وفيه تقام نفس الطريقه اعلاه مع اختلاف طقوس زيارة المرقد وعدم وجود عادة الحلاقه للاطفال .
3-المنطگه : وهي جامع براثا الحالي الذي يقع على طريق بغداد الكرخ الى الكاظميه وتستفاد العوائل من هذه المنطقه بسبب قربها ووجود البساتين فيها والتي لاتزال موجوده قسم منها لحد الان والتمتع بنهر دجله القريب وتناول الطعام والقيام بفعاليات الرقص والغناء وكانت هناك عوائل معروفه بتلطيف الاجواء بالنكته والهزل البريء والمرح مما يجعل هذه السفرات ذات فائده نفسيه كبيره وخاصة كانت العوائل لاتجد متنفسا الا هذه السفرات .
4- الكاظميه : وهي مدينة الكاظميه الحاليه وكانت تعتبر بعيده نسبيا عن بغداد ويتم الذهاب اليها بواسطة السيارات والعربات او (الكاري ) الترامواي وذلك خلال النهار لان السفر اليها ليلا لم يكن امينا حتى الخمسينات من القرن الماضي
وهذه السفره كانت بمثابة زياره دينيه وكسله في نفس الوقت وتتهيأ لها العوائل بالذهاب بوقت مبكر حتى تتم العوده قبل الغروب وفيها تجري مراسم زيارة مرقد الامام موسى بن جعفر (ع) وتناول الطعام وغالبا ما يكون الكباب من احد مطاعم الكاظميه القريب من الصحن ويفضل اهل بغداد ان تكون الزياره يوم السبت وهذه عادة متوارثه.
5-حبيب العجمي :وهي منطقه قريبه من جسر الشهداء وبجوار اعدادية الكرخ وعلى نهر دجله وهي عباره مسجد و مقام لرجل صالح لايعرف عنه الكثير تقصده الفتيات في يوم يسمى (صوم البنات ) وهو 27 من شهر رجب ويتنزهن عنده وفي الزوارق في نهر دجله وهن ينشدن (يا حبيب العجمي انطينا مرادنا يا حبيب العجمي ) ويرافق ذلك الضرب بالدف او الطبله (الدنبك ) يتم ذلك في ضحى النهار على ان يعودوا الى بيوتهم في الظهيره وهن بزينتهن .
6- بارك السعدون : وهو منتزه حديث في منطقه تسمى باسمه الان وتقع في شارع 52 المؤدي الى الكراده من الجهه الشرقيه لشارع السعدون وكان هذا المنتزه يشكل المتنفس الحديث للشباب والشابات وخاصة ايام الاعياد والمناسبات وايام العطله الاسبوعيه وكان يحتوي على (المراجيح ) ومصاطب الجلوس وفيه ساحة دائريه ل (للسكيتنك) اي الاحذيه المتدحرجه وكانت الفتيات والشباب يمارسون هذه الهوايه وفيه ايضا اكشاك لبيع المرطبات والساندويج وكان من انظف واجمل المنتزهات على صعيد المنطقه وكانت العنايه فيه مستمره وحتى الاشجار فيه مرقمه ومحسوبه .
7-حديقة غازي: وهي مشابه لبارك السعدون ولكنها اصغر منه وفيها مستلزمات الراحه وكان يستغلها طلاب المدارس للدراسه فيها نظرا للهدوء والجمال الذي تمتاز فيه وكان موقعها في الباب الشرقي تحولت لاحقا الى حديقة الامه.
8- حديقة النعمان: وتقع في منطقة الاعظميه ولها نفس المواصفات لحديقة غازي وكانت تلبي احتياجات سكان الاعظميه .
9- السيد محمد (ع) . كانت زيارة السيد محمد التقي في منطقة الدجيل والذي يطلق عليه (سبع الدجيل ) لها حلاوه خاصة لانها كانت تؤدى بفرح غامر وطريق سفر ليس بالطويل جدا وفي الزياره تؤدى مراسيم نحر النذور وتوزيع اللحوم وطبخ منها مايحتاجها الزائر والمنطقه تنعم بانتاج زاخر من الفواكه والخضر وخاصة الاعناب والبطيخ والتمور وغيرها مما يتيح للزائر التسوق بالمناسبه .
10-الزيارات الدينيه . هذه الزيارات تكون لمناسبات خاصه ولها شعائر خاصه وتوقيتات محدده وتتم في كربلاء والنجف وسامراء ..
هكذا كان اهالي بغداد يقضون اوقات التنزه والترفيه وتحسين الاجواء النفسيه .
والى لقاء اخر ...... مع تحيات عبد الكريم الحسيني
الگاردينيا: للراغبين الأطلاع على الحلقة الثامنة النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/tarfiya/menouats/2130-2012-12-18-13-05-53.html
1176 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع